لا شيء يعدل أن تكون صحفياً إماراتياً في مهمة رسمية، وتجد نفسك ناطقاً باسم بلادك، في حدث تاريخي، يتطلع العالم إلى تفاصيله، ودلالاته، وتوقيته، وسط إعجاب يصل إلى الانبهار، بما نحظى به في الإمارات من تقدير دولي، جعل زعيماً روحياً عالمياً، بوزن البابا فرنسيس يختار أبوظبي عاصمةً لـ «الأخوة الإنسانية».
في حاضرة الفاتيكان، ثم على متن الطائرة البابوية إلى أبوظبي، كان عليّ، وعلى زملائي الإعلاميين أن نجيب عن أسئلة كثيرة، طرحها صحفيون من مختلف دول العالم عن بلادنا، في أجواء الزيارة التاريخية للحَبر الأعظم، وهم يتتبعون اهتمام الإمارات رسمياً وشعبياً بالحدث، ويتساءلون عن كل ما فعلناه، حتى تكون بلادنا العربية المسلمة، وجهة للبابا فرنسيس، يرفع على أرضها أغصان السلام والمحبة والأمل.
يسأل الصحفيون عن أسرار استقرارنا في إقليم مضطرب، وكيف نجحت قيادتنا وشعبنا في بناء مجتمع متسامح، يقبل التنوع، ويحترم اختلاف الآخرين. يسألون عن وزارتي «التسامح» و«السعادة»، وعن التطور الحضاري في الإمارات، وكيف استطاعت الدولة أن تؤسس نموذجاً للاعتدال السياسي، والانفتاح الثقافي في أقل من نصف قرن؟
أكثر من 120 صحفياً وإعلامياً من مختلف دول العالم، يتطلعون إلى حدث منتظر في أبوظبي، معجبين بتنوع الأديان والأعراق في بلادنا، وهم يعرفون أنهم سيهبطون في جزء من جزيرة العرب، حيث مهبط الرسالة المحمدية السمحة، التي كانت ثورة اجتماعية فاصلة في التاريخ، لرفع الظلم، وإحقاق العدل والسلام والتآخي بين بني البشر، وأن محمداً والمسيح، عليهما السلام، يجسدان المعنى الحرفي لـ «الأخوة الإنسانية»، العنوان الذي يعبر عنه لقاء البابا فرنسيس بشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في أبوظبي.
على متن الطائرة البابوية، لاح في البال أكثر من مشهد وموقف. ذكرى مؤسس دولتنا الشيخ زايد، رحمه الله، وكل ما زرعته يداه الكريمتان من خير وتسامح وسلام وسمعة طيبة لبلادنا، وحين قال البابا فرنسيس: «نحن عائلة واحدة»، تذكرت مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: «البيت متوحد»، وحمدت الله على ما نحن فيه من نعمة، فهذا البيت الإماراتي، بات يلفت أنظار العالم لتوحّده وتسامحه وحكمة قيادته.
عن قرب، تعرفت إلى شخصية نادرة في التواضع وطيب المعشر، ولمست سعادة البابا بزيارة بلادنا، وتشرفت بمصافحته، وقدمت له غلاف صحيفة «الاتحاد»، الذي يحمل رسماً له، وفي الصورة، يرتفع علم الإمارات، وأيّ فخر.