أيها الحب، يا كيمياء السعادة في قلوب البشر والكائنات، يا نبوءة السلام والخير والرقي.
افتح نوافذك المغلقات وانتشلنا من ظلام الكراهية والضلالة والأوهام والخرافات التي عرقلت مسار تاريخنا لحضارة الإبداع والتطور. وجعلتْ من الشروق ظلاماً، ومن الغروب رهبة ورعباً. أيها الحب يا قصيدة الأمل الجميلة. املأ شعاب الأرض وانتشر في القلوب والأصابع والأجساد نغماً من الحنان يفيض بالطمأنينة والفرح. أيها الحب.. افتح موائدك للظامئين والجوعى والمتعبين والمشردين والتائهين في طرقات الضياع. فعالمنا أصبح فيضاً من الدم والدم والدم! فثمة أطفال قتلى وفتيان قتلى. وثمة هدمٌ وجنائز وبراكين من الدمار والخرائب. وأنت متلفع بغيابك، ولا توقظ انتباه الإنسان في لجة عنفه إلى أن ثمة وردة تنهض وتفيض بالعطر كل صباح! كأن فصول العنف حدأة لا تعرف أبعد من منقارها ومخالبها. أيها الحب، هل تعرف الآن عدد الأمهات اللاتي تعصف بهن الحسرة والحزن وتطوح بهن الفجيعة في انشطار مؤلم حين يتحسسن أجساد أبنائهن الذين يعودون إليهن جنائز موتى!؟
أيها الحب.. ألا ترى كم عدد مصاصي الدماء الذين يهرولون بالبشر والكائنات والحياة إلى الفناء والعدم؟ فلماذا لا توقظ مشاعرهم كي ينصتوا للبحر حين يرتل أغنياته بين مد وجزر، وحين يدفق اللؤلؤ والخير والسحاب والمطر. ولماذا لا تفتح لهم منافذ الروح لخصوبة الرحم الذي يلد الكائنات، ولا ما يدفق الخصب والنسغ في جذور الشجر؟
ما الحياة في حضورها الجميل، وما الكائن البشري في ارتقائه وإبداعه وسموه وتجلي إنسانيته ورقته ولطفه وفيض روحه بالمحبة، وما بقاء كائنات الطبيعة بتعدد أجناسها وتنوعها، وما خصب الشجر وثرائه بالخير الذي يحفظ الإنسان والكائنات والحياة على هذا الكوكب الفريد في هذا الكون الرحيب، سوى فيضك أنت أيها الحب حين يتدفق في القلوب. أنت، أنت يا كيمياء الطبيعة والكائنات وسر بقائها وخلودها. أنت اكتمال الخلق والأخلاق. وأنت الرجاء إذا خاب بالإنسان الرجاء. وأنت اكتمال الرشد إذا تاهت بالعقول متاهات الضلالة.
وأنت الطلسم الذي لا يفسر كنهه إلا من اتقدت روحه وقلبه بضياء نورك البهي. أنت شمعة الأزل في عتمة هذا الحاضر الذي يحاصرنا في كل اتجاهات وغايات. أنت التماع الأمل للنهوض من خيبة الآمال. وأنت السر في كف السخاء الذي وشى إماراتنا بالخير والسلام والطمأنينة والأمن والثراء. أيها الحب، هيا اطرق كل باب أقفلته الضغينة. وافتح نوافذ القلوب التي أغلقتها الأحقاد والكراهية. سوف أفرش لك الدروب بالورد والياسمين. واطرز اسمك بحروف الذهب على صدور العابرين!