سجلت الثقافة العربية حضوراً مؤثراً في ثقافات دول أميركا اللاتينية وحوض الكاريبي منذ مئات السنين، حيث بدا ذلك واضحاً في فنون الهندسة المعمارية والتصميم بأساليبه الأندلسية، والعروض الفلكلورية المستمدة من التراث العربي والإسلامي، حتى أن رائد الحداثة اللاتينية الأديب النيكاراغوي «روبين داريو» عرف بإعجابه الشديد بثقافتنا العربية، وكان مسحوراً بأدب الشرق، حيث أشار في قصيدته «رواق» إلى فنون الغناء الأندلسي، واستلهم من شبه الجزيرة العربية أفكاراً دونها في كتبه مثل رحلة ملكة سبأ إلى القدس.
لدينا إرث ثقافي وتاريخي عريق، استطاع منذ قديم الزمان نسج علاقات وطيدة مع الحضارات الأخرى أخذاً وعطاء تأثراً وتأثيراً، ينطبق ذلك على دول حوض الكاريبي، تلك الدول البعيدة عنا مكاناً، القريبة منا ثقافياً وحضارياً وإنسانياً.. تتمتع بمزيج مذهل من الثقافة والتاريخ والمتاحف والمباني ذات العمارة الفريدة، والكثير من المواقع الأثرية المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي.
لذلك لا غرابة في سعي دولة الإمارات إلى تعزيز علاقاتها مع تلك الدول التي تمتلك تاريخاً عظيماً، حيث تجمع الإمارات أكثر من 100 من القادة وصانعي السياسات ورجال الأعمال والمثقفين تحت مظلة «منتدى التعاون الإماراتي الكاريبي»، وهي منصة مثالية لاستكشاف الفرص الاقتصادية والثقافية لتعزيز العلاقات الثنائية.
وقد كان للإبداع نصيبه من المنتدى من خلال أمسية ثقافية إماراتية كاريبية عكست رغبة مشتركة من قبل دولنا في إحياء روابطنا الحضارية القديمة، واستثمار الطاقات الشبابية في خلق أعمال إبداعية جديدة تستمد قيمتها من المشتركات القديمة، وتسهم في تشكيل هوية إبداعية إماراتية- كاريبية بفضل التلاقي الحضاري، والتقارب الشعبي، والتنوع الثقافي باعتباره مصدراً لتجديد الأفكار، يتيح لأفراد المجتمع الانفتاح على ثقافات الآخرين واستلهام أفكار إبداعية جديدة.
وقد بدأنا أولى خطوات تحقيق الانفتاح الثقافي بشكل أكبر على دول حوض الكاريبي بتوقيع مذكرة تفاهم ثقافية مع جمهورية جامايكا بهدف وضع أسس راسخة للتعاون في المجالات الثقافية، وتطوير الصناعات الإبداعية ودعم الموهوبين، بما يوسّع نطاق معرفتهم بحضارة وثقافة وفنون كل منهما لتعزيز العلاقات بين الدولتين.
من الملفت في المنتدى حضور عدد كبير من الوزراء والمسؤولين رفيعي المستوى، وهو ما يكشف عن إيمان دول حوض الكاريبي بالدور الاستراتيجي الذي تلعبه الإمارات في دعم التنمية المستدامة وهو ما ظهر جلياً في تأسيس صندوق بقيمة 50 مليون دولار لدعم مشاريع الطاقة المتجددة في دول حوض الكاريبي، وهي خطوة تساعد هذه الدول على تحقيق أهدافها التنموية وتمويل مشاريع إنمائية تخدم قطاع الطاقة المتجددة.