غرز صغيرة تراصت بجانب بعضها، بدت بتفاصيلها وكأنها تحيك الشمس وتغزل الضوء لتشرق في أفق العالم بثقة لا حدود لها. هذا ما شعرت به بعد إنجازنا الخط الزمني لبوستر «مئوية زايد» الذي يترافق مع عدد مجلة «ناشيونال جيوغرافيك العربية» لشهر ديسمبر احتفالًا باليوم الوطني ومرور مئة عام على ولادة مؤسس نهضتنا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه». فهذا العمل يحكي بكل بساطة تفاصيل إرادة قائد وثقة شعب وعزة وطن. عندما بدأ (فريق المئوية) ماراثون عملية البحث في مايو الماضي كنا ندرك تماماً عظم هذا العمل، لا لكونه فقط معنياً برصد أحداث عالمية ومحلية كثيرة حدثت في مئة عام؛ إنما لقناعتنا التامة بأنه سيُعد عملًا ملهماً لكل من سيتأمله.
قامت فكرة مئوية زايد -التي تقدم بها القارئ فيصل يوسف السويدي- على اعتماد «الخط الزمني» كطريقة عرض لأهم الأحداث الفارقة في التاريخ الإنساني، على كل الصعد، وخصوصاً تلك التي كان لها تبعات حقيقية على الإرث الإنساني والفكري وخصوصاً لمن هو معني بمصير الدول، كما كان الحال لدى القائد المؤسس. ومقابل ذاك الخط، تاريخ آخر يغزل في منطقتنا وعلى مساحة شغلتها إمارات بسيطة متفرقة، وهذا تماماً ما أعده سبب إلهام حقيقي لكل من سيقف أمام هذه المقاربة التي ستقدم تصوراً حقيقياً لضخامة منجز الإمارات الحضاري.
آلاف الأحداث العالمية والمحلية دوّنها فريق العمل -سميرة آل علي وإسحاق الحمادي- في مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» العربية منذ مايو العام الجاري وحتى قبل طباعة بوستر «مئوية زايد»، اخترنا منها 332 حدثاً فقط لنقدم تصوراً مكثفاً عما جرى في منطتنا على مدى مئة عام كاملة، منذ ولادة الأب المؤسس لدولة لم تكن أقيمت بعد، ولكنها تمكنت بعد مئة عام فقط من الصعود للفضاء. إنها نفس القصة ولكن بطريقة مبتكرة ـ صممها المنفذ سمير طوهاري ـ وبمفهوم آخر يقدم رؤية عما كان يحيط بالأب المؤسس وكل قادة الإمارات من تأثيرات وتحديات سياسية واقتصادية كوّنت تفكيرهم وتوجهاتهم آنذاك.
في «مئوية زايد» يُظهر الخط الزمني تفاصيل صغيرة لها دلالات عظيمة، عرضناها بالرسم والصورة والطوابع البريدية الشاهدة على تلك المراحل -والتي قدمتها لنا مشكورة جمعية الإمارات لهواة الطوابع- وكذلك التقارير المرئية عبر خاصية المسح الإلكتروني، ما علينا إلا أن نعود اليها دوماً لنعرف ونخبر أبناءنا تاريخ هذا الكيان الذي ينتمون إليه.