لا شيء يستحق الاحتفال مثل الوطن، ولا عيد يشبه أعياد الوطن، لأنها باختصار تجسيد لك كلك.. هو احتفال في الحقيقة بك.. بأمك وأبيك وولدك وبيتك وعملك.. بما أنجزت وما تريد.. الوطن عيد ميلادنا جميعاً في يوم واحد.
تتلون الأيام بما فيها وليس بنفسها.. تمضي جميعاً متشابهة، لكنّ يوماً واحداً يستطيع أن يجمعنا كلنا، كما هو حال الثاني من ديسمبر، يوم الفخر والعزة الإماراتي.. اليوم الذي وفق رب العباد فيه، زايد ورفاقه إلى صناعة وحدة تاريخية، لم يتكرر نموذج شبيه لها في العالم.. هي استثنائية بكل المقاييس.. ترفع روادها عن كل شيء، واختاروا منذ قرابة خمسة عقود، أن يتركوا إرثاً لأولادهم، هذا الإرث هو الوحدة.. الاتحاد الذي أصبح كياناً وقلباً ودماً وشمساً تشرق في الصدور.
تتضاءل نماذج الوحدة في العالم - صدقاً وواقعاً- أمام النموذج الإماراتي الذي بإمكاننا أن ننظر إليه اليوم، باعتباره أكبر إنجازاتنا، لأنه في الأساس، إنجاز نفسي وروحي.. كان في مبتدئه انتصار كبير وعميق على كل ما يعتري النفس من أغراض وطموحات ذاتية، وانطلاقاً صوب الجموع.. كان استشرافاً لمستقبل، يباهي بنا اليوم، ويكافئنا على نوايانا.. أن تنتصر على نفسك، فلا شيء بإمكانه أن يكسرك.
تبدو الكتابة عن الأوطان مهمة صعبة، والسبب أنها أكبر من أن تجسدها الكتابة.. هي دفقة في الروح أكثر.. هي ومضة ورعشة ربما.. هي ابتسامة ترتسم على المحيا، أو نظرة رضا ترمق بها طفلك من بعيد.. الوطن هو أعظم ما لديك وأبهى ما لديك.. الوطن قادتك الذين مهدوا لك الأرض لتمضي دونما تعثر.. الوطن تلك الدمعة التي تشاغلني الآن، لكنها أبداً ليست دمعة حزن، هي امتنان كبير لمن حققوا الحلم ووحدوا قبل الأرض، البشر.
تعود إلينا ذكرى يومنا الوطني، ونحن في عام زايد.. زايد الشامخ في الروح وفي الذاكرة وفي الأجواء.. زايد الرمز، الذي ألهم كل باحث عن الخلود.. نحتفل اليوم، ونحن أقوى وأسعد وأكثر وحدة وتقارباً.. نحتفل ونحن أكثر إصراراً على أن نبقى معاً.. نحتفل ورصيدنا فقط ليس المعاني ولا الشعارات، وإنما الواقع الذي يعكس دولة قوية في مصاف دول العالم الكبرى.. نحتفل ونحن ننتج ونتقدم وننافس.. نحتفل أيضاً ونحن نصحب معنا في رحلتنا صوب السماء، عزنا ومجدنا ونحمل في القلوب كل من رافقونا في الطريق.. نحتفل وعلى رؤوسنا الشهداء كالتيجان.. نحتفل والجواز الإماراتي الأول عالمياً.. هكذا الأوطان.. هذا المزيج، لكن كل ما فيه برائحة الجنة.
كل يوم وأنت بخير يا وطني.. كل لحظة وأنت عزي.. كل عام وأنت أبهى وأروع ما فينا.. كل عام وأنت الأمل يا وطن.. كل عام وأنت أحلى ما في الدنيا.

كلمة أخيرة:
الوطن «أنت».. فانظر كيف تريد أن تكون