هم الآتون بحجم الأمل، الصادقون القول والفعل، والمجسدون الصدق في العمل، أولئك هم الأشقاء والأصدقاء المخلصون للإمارات، هم وحدهم الذين يكبرون في القلب ليسكنه حبهم، وتتسع الذاكرة لأسمائهم وهيئاتهم وإطلالاتهم ونفوسهم الزكية، ويزداد الإعجاب بسلوكهم وإخلاصهم وتفانيهم في أداء الواجب في كل الحقول والميادين، أتوا من أجل رسالة صادقة، ومن أجل حب ومعنى للانتماء، من أجل رزق حلال، ومن أجل أن يحسنوا ما يفعلون، لهم بصمة في كل مكان، ولو صغيرة، لكنها مهمة، لهم حضور بهي، في وقت عصيّ، وكان ضرورياً هذا الحضور.
نقلب دفتر الأيام، وننبش ذاكرتنا، فتأتي الصفحات بيضاء ناصعة بأسمائهم العادية، ونبلهم المميز، وعطائهم السخي، وانتمائهم غير العادي للمهنة، وللوطن الأول حيث يسكنون، والوطن الثاني حيث يعملون، والوطن الكبير حيث ينتمون.
قد تطول قائمة الأسماء الذين حضروا هنا، وعاشوا هنا، وتعايشوا معنا وبيننا، وقد نحتاج إلى شهادات ممهورة بأختام الوزارات والدوائر والمؤسسات والهيئات والشركات لمثل هؤلاء العاملين الصامتين، الراحلين منهم، والباقين.
هؤلاء الأشقاء والأصدقاء من أبناء العروبة أو غيرهم من المخلصين والذين يتحدثون عن الإمارات ولا يزالون على أنها بستان أمن وورد، ظلهم واستظلوا به عبر سنين وأعوام، يحملون ذكرى عطرة منه وعنه، يتغنون بأسمى المعاني والقيم التي ربطتهم به وبأهله، ما زالوا يبادلون الوفاء بالوفاء، والحب بمثله، والحضن الدافئ الذي استقبلهم بما يستحقه من ثناء، في مجالسهم، وفي بلادهم البعيدة والقريبة، وعلى مسامع أبنائهم وأهلهم وأصدقائهم.
ثمة نماذج من هؤلاء الشرفاء يعتز بهم الوطن أيما اعتزاز، والذاكرة تشيب بأسمائهم، لكنها تشتعل بعطائهم، نذكرهم بكل خير، ونذكر معروفهم في حقول التعليم والتربية والصحة والطبابة، في حقول النفط وشركات البترول، في مجال العمل القانوني والقضائي والمحاسبي والزراعي، في العمل الإعلامي والإداري والبحثي والآثاري والمصرفي، في مجالات كثيرة كنا يومها بحاجة لهم، وكانت يومها جديدة علينا.
كثيرون هم.. بعضهم رحل عن بلدنا ودنيانا، بعضهم ما زال يعطي بحبه بعد أن تعب الجسد، بعضهم أعقب هنا وتابع الأبناء ما عمل الآباء، بعضهم استقر في بلده الأول، بعضهم غرّبتهم الحياة في أصقاعها البعيدة، وبعضهم الآخر استوطن هنا، وأبى أن يدفن إلا هنا.
لكل هؤلاء النبلاء، تحية خالصة، ممهورة بحب الإمارات، لأنهم تذكروها وهي أرض غير مخصبة، ولا تعد بالكثير، وينقصها الكثير، وهي اليوم في عيدها ويومها تتذكرهم بحب أكبر، وورد أكثر، لأنهم المقيمون في القلب دائماً، وفي الذاكرة أبداً.. فلهم منا وعنا كلمة شكر، وواجب تقدير، وقبلة على الرأس والجبين!