نودع عام زايد الأب الباني المؤسس «طيبّ الله ثراه» ونحن ما زلنا نكتشف ونحلل تفاصيل تُذهلنا عن فلسفته ورؤيته السابقة لعصره وزماننا. لو كان «عَقدُ زايد» لقلنا «هيداه وهبابه يواحي لنا نتعرف عليه ونفهم حكمته ولعلوم الأولية». قيادة رشيدة تقرر أن يكون 2019 هو «عام التسامح»، فنقول هذه من أساسيات فكر وفلسفة الأب المؤسس وامتداد لثقافته وحضارته التي تعكس عمق محيط الصحراء ومهارة بحارته في الملاحة الصحراوية وقيادة سفنه ونوقه العملاقة، فربطت مساعيهم الحضارة، وأسهمت إيجاباً في نشر المعرفة واستدامة الموروث وأصالته. التسامح من أسمى القيم الإنسانية، وهي سمة تلازم النبل والشهامة والشجاعة والآدمية. وصف سلطان العارفين التسامح على أنه فلسفة الحب والإخاء بين البشر، وذلك تفسيراً لقوله تعالى (إنما المؤمنون إخوة)، فقد وحّد الإيمان بالله قلوب وعقول المؤمنين، ومهّد دروبهم للسماحة والإنسانية. وأضاف «إن جوهر التسامح المبني على الحب يشترط المعرفة، معرفة الله، ومعرفة الإنسان الآخر. وجوهر التعصب مبني على الجهل، على عدم معرفة الله معرفة حقة، وعدم معرفة الآخر». ‏
التسامح فضيلة أخلاقية وقول رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» دليلٌ قاطعٌ على أن للأخلاق مساحة كبيرة في ديننا الحنيف، بل هي عِـمادُ الدين. ولا ننسى تسامح الشيخ زايد «طيب الله ثراه» والقيادة الرشيدة من بعده فهم قدوة للعارفين، فلولا مساعيهم الخالصة من الشوائب لما تمكن جواز سفر الإمارات أن يصبح الرائد عالمياً، ولما اختارت أكثر من 200 جنسية العيش والعمل والتعليم والحياة والموت في الإمارات.
وطن التسامح هذا الذي نعيش فيه أيقونة العصر والزمان، ليس لأني وهبته الدم النابض في شراييني، ولكني أستحي أن أكون قد قصّرت وأخفقت في خدمته ورفع شأنه عالياً، والإمكانات كلها متوافرة، بينما فعل آباؤنا وأجدادنا أكثر من ذلك بكثير وظروف حياتهم وصراعهم للبقاء كان شغل يومهم الشاغل. للعارفين أقول: تصالحوا وتسامحوا مع أنفسكم أولاً ثم مع العالم، فحب الحقيقة ينأى بالعارف عن الشيئية. قلوبنا خُلِقت لتحب غيرنا أولا... ولتفعل الخير وتعزز مبادئ العفو والتسامح واحتواء الآخر، على الدوام. ترسّخ هذا الدرس في ممارساتنا اليومية مذ ولدنا في دار زايد «طيّب الله ثراه»، دروس لن ننساها فهي الإنسانية بل الآدمية الصرفة. وفاؤنا للشيخ زايد، وشكرنا للقيادة الرشيدة، ومرحبا بعام التسامح.