آمنة الخياط، برزت بمعرض الشارقة للكتاب الأخير، حين أطلت بمجموعتها القصصية الأولى، بعنوان «سوف أنساكِ قليلاً»، وبهذا العنوان تجنح بالقص نحو الشعر، مثلما هي لوحة الغلاف، تبدو أقرب لغلاف مجموعة شعرية، وهي لوحة لامرأة شابة، باكية بدمعة، ليست كسائر الدمعات. اللوحة للفنانة الراقية والمتميزة سلمى المري.
أما الإهداء الذي قدمته الكاتبة، يجعل القارئ يتخيّل بأن القاصة ستحاكم، إذ تقول: «إلى كل امرأة رجمت دون خطيئة.. إلى أحلامهن الصغيرة وخيالاتهن المثيرة.. إلى كل امرأة غُرر بها.. إلى كل امرأة مشت مؤمنة مع رجل.. إلى نساء الأرض أهدي أحاديث طافت بنفوس أغلبهن..».
آمنة منذ أمد بعيد تكتب بلغة شعرية وقصصية أحياناً، ولا تحيد عن هذه اللغة الخالصة إبداعياً. وبأسلوب الفنتازيا، في هذه المجموعة تقدم أسلوباً قصصياً فريداً، وتميل بلغتها وأدواتها نحو فضاء جميل خاص بها يميّزها عن كتابات الآخرين، وبهذا تأخذنا لإيجاد طريقة ما، لقراءة اللوحة الشعرية الممتزجة بالقص. وهذا تأكيد على اللغة المتخمة الباحثة عن شفرة للمعنى.
تقول آمنة في قصة عنونت بها المجموعة: «قال لي: إنني نسيت مذاق السكر الذي ارتشفت من ثدي أمي... ورغيفاً كان يغطي بلل الجوع في ذاكرتي» أليس هذا مثالاً عن العلاقة بين لغة الشعر ولغة القص، والتي نراها سمة ثابتة في نسج هذه المجموعة.
وفي قصة «مجنونة» تستخدم القاصة لغة محتدمة تصوّر بها الحالة النفسية للبطلة: «كانت حياتي هادئة، ساكنة، وجافة أيضاً، هدوء الليل، وسكون المقابر» تطل كلمة المقابر لتوحي بالقادم من النهاية، وتمنح الكاتبة مكانة الرجل الأب بصفات وجودية مهمة، على عكس ما أشارت إليه بالإهداء. وفي سياق آخر تقول عنه: «أفنى عمره من أجلي». فرحيل «الأب الرجل» مؤلم جداً، جعل بطلة القصة تكتشف الجنون، في بحثها عن الرجل الشبح، فتقول: «لماذا نجعل منه مصدر خوف ورعب»، وتنتهي القصة كما لو قرأتها «البطلة» من مذكرات قديمة، لامرأة أفنت عمرها بحثاً عن الرجل حتى ولو كان شبحاً.
تقدم الكاتبة آمنة الخياط مجموعتها الأولى، وهي تعالج أكثر من منحى بالحياة. فهي قاصة ذات قلم جميل تطرق به أبواب الساحة، لتوجد لنفسها مكانة إبداعية. لذلك أتمنى من المؤسسات الثقافية، أن تقدم لهذه المجموعة القصصية الدراسة النقدية اللازمة من أجل ألا تقف عند حدود الإصدار الأول.