في جامعة هارفارد العريقة وقفت أمام نخبة من الأكاديميين والباحثين في شؤون الشرق الأوسط، ولفيف من طلبة دولة الإمارات العربية المتحدة الذين جذبهم حنينهم إلى الوطن، للجلوس والاستماع لمحاضرة بعنوان «زايد وبناء الدولة: «من السراب إلى الواقع»، فقدمني مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بلباقة وغزل مستخدماً النعوت الأكاديمية والمصطلحات التي تجعل ضعيف النفس مغروراً. وجاء دوري للحديث فقلت: استغرب البرفيسور عندما قلت له عن مبادرتي وأني هنا ليومٍ واحد فقط.. نحن يا زملائي لا نبخل على وطننا بشيء؛ فالروح التي تسرح وتمرح بنا والدم الذي يتدفق في شراييننا هو ملكٌ للوطن»، لقد وُلِدت فكرة «زايد حول العالم» لتقديم مجموعة مختارة من المحاضرات التي تتعلق مواضيعها بمحاور واستراتيجية عام زايد 2018 وتسلط الضوء على شخصيته ومآثره وإنجازاته، وتتطرق إلى تاريخ وحضارة دولة الإمارات العربية المتحدة. وكذلك كان الحال في جمهورية كوريا الجنوبية، ثم جمهورية أرمينيا، ولاحقاً جمهورية البرازيل، ونشعر بتقصير، ولكن هذا ما قدرنا الله عليه. وفي كل بقعة تحدثت فيها عن الباني المؤسس كانت هناك علاقة إنسانية عندما نقتحم حواجز الصمت وننشر المعرفة تتقلص المسافات وتتضح الرؤية، لقد أصبح من بين أصدقائنا في أميركا، كوريا والبرازيل وأرمينيا، من يفكر في زيارة «رقم واحد».
عامُ زايد- طيب الله ثراه- عاماً اليوم هو آخر أيامه قضيناه كاملاً مع الباني المؤسس فكان منهل ثراء لنا وللأجيال التي ستعقبنا. سيتذكر أطفال اليوم شباب المستقبل هذا العام وسيحدثون أبناءهم عنه وهذه هي استدامة الجميل بفطرته. فقد سألني برازيلي: «هذا شخصٌ عظيم، يهبكم مكرمة حتى بعد موته، كيف ذلك فهذا من ضروب الخيال في أماكن متعددة في العالم». فقلت له: «سيدي الفاضل، «الحمد لله»، كلمة كان يرددها الشيخ زايد دائماً.. ومن يحمد الله يزيده هذه حكمته، لقد عاش للآخرين فوهبهم زهرة الشباب وحكمة لانهاية لها، لذا نسمع العالم يقول «لم يمت من ترك خلفاً يسير على خطى الإنسانية بوقارٍ واحترام».
للعارفين أقول، نحن ما زلنا نتعرف إلى الباني المؤسس بالرغم من كل ماهو متوافر من أدوات المعرفة عنه. لقد أكرمنا الشيخ زايد-طيب الله ثراه- بوطنٍ يعيش فينا ومكنتنا «أم الإمارات» سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «حفظها الله ورعاها»، فأصبحنا بمساندتها نسير في طرق العلم والعمل بكل ثقة وفخرٍ واعتزاز، صورتنا في عيون العالم من أجمل الصور فسبحان الخالق، وشكراً للباني والقيادة الرشيدة التي تسعى في خطاه. وأهلاً بعام التسامح.