شكّل الحضور الإماراتي في معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام، الثقل الأكبر من حيث الحضور والتألق والإنجاز. وتمثل ذلك في زيارة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة وما صاحب هذه الزيارة من حفلات توقيع سموه لإصداراته الجديدة، والمبادرات التي أطلقها في خدمة الثقافة وتبادل المعرفة وتوثيق التاريخ.
الثقل الآخر تمثل في مشاركات الأجنحة الإماراتية في المعرض والتي لعبت الدور الأكبر في إيصال الكتب والمؤلفات الوطنية للجمهور ومن بينها منصات معرضي الكتاب في أبوظبي والشارقة وجمعية الناشرين الإماراتيين وعدد آخر من الدوائر الحكومية ودور النشر الوطنية. والحقيقة فقد قرأتُ حالة من الفرح الكبير على وجوه المثقفين والأدباء أثناء مشاركتي في المعرض الذي انتقل إلى موقعه الجديد في منطقة التجمع الخامس، حيث المباني الحديثة والقاعات الواسعة والمقاهي الحديثة وسهولة وصول السيارات والحافلات من عموم مناطق القاهرة، ليتحول المعرض إلى مدينة صغيرة تمتد على مساحة كبيرة تعجّ بآلاف الزوار. هناك التقيت بمعالي الأديب محمد المر الذي عبّر عن سعادته الغامرة برؤية المعرض في حلته الجديدة، وقد تحول إلى مهرجان ثقافي ومعرفي بهذا الحجم وهذا الحضور ليصبح من أكبر معارض الكتب في العالم.
الثقل الإضافي تمثل أيضاً في حضور الأدب الإماراتي في أرفع تجلياته، حيث تميز الشاعر الكبير حبيب الصايغ في أمسيته الشعرية بقراءة مجموعة رائعة من قصائده الجديدة والقديمة، كاشفاً جانباً من تجربته الشعرية الثرية التي تمتد لأكثر من أربعين سنة. ولا تزال جزالة اللغة الشعرية وشواردها تتكثف في قصائده الجميلة. أيضاً تألقت الشاعرة خلود المعلا بحضورها الشعري الطاغي وقرأت أجمل نصوصها الشعرية في أمسية رائعة. وما لاحظته أيضاً أن معرض هذا العام استقطب أعداداً كبيرة من المبدعين الإماراتيين الشباب. بعضهم جاء لاقتناء الكتب وحضور الجلسات والندوات الثقافية، وبعضهم كان مشاركاً في نشاط متميز هنا أو هناك.
حالة الفرح هذه تمتد لتعمّ مساحة الثقافة بشكل عام في مصر التي تعيش حالة من الاستقرار بعد سنوات من طغيان ثقافة النبذ وارتفاع أصوات الكراهية على أيدي الجماعات المتطرفة. في المقاهي التي زرتها، لمستُ عودة المثقفين المصريين إلى أسئلة الشعر والحياة والفنون، بعد أن جذبتهم الأحداث إلى الخوض في أسئلة السياسة والدين والإرهاب.