منذ أن تم إنشاء دولة الإمارات العربية المتحدة، كانت الرؤية الأساسية التي قامت عليها الدولة هي «السلام»، دولة عربية خليجية اتحادية تقوم على مبادئ العدالة والقيم الإنسانية، ونشر رسالة السلام في المنطقة وحول العالم. والمؤكد أن تلك الرؤية كانت السبب الرئيسي في نجاح الإمارات في كل خطواتها وأهدافها وتحقيق أحلامها، بشكل أبهر العالم أجمع، وبشهادة القاصي والداني، لتصبح الإمارات نموذجاً يحتذى به في العالم للتعايش الإنساني السلمي رغم تعدد الثقافات. والمؤكد أيضاً أن هذا النموذج الإنساني السلمي كان سبباً رئيسياً في التدفق السياحي من كل دول العالم على الإمارات. ولكن تحقيق تلك الرؤية ليس بالأمر السهل، فالسلام يحتاج أيضاً إلى الإنحياز إلى الحق، وإلى نصرة الحق أحياناً بالقوة انتصاراً لمبادئ العدالة. لذلك لم تتأخر الإمارات عن نصرة الأشقاء في وطننا العربي، وإلى الوقوف بجانب الشعوب العربية بكل ما نملك ونستطيع، وأرسى تلك المبادئ المغفور له الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وعليها نسير. السلام يحتاج إلى تضحيات، لذلك كان مصابنا أليماً حينما علمنا بخبر استشهاد أبطال الإمارات، وهم يؤدون واجبهم لنصرة الأشقاء والوقوف إلى جانب الحق. ليس سهلاً على دولة قامت على رؤية السلام أن تفقد أبناءها، ولكنهم رجال مثل كل أبناء الوطن مستعدون للتضحية والفداء في كل وقت من أجل تلك المبادئ التي قامت عليها دولتهم وبلادهم. لن يثنينا ما حدث عن مواصلة ما بدأناه بل سيزيدنا إصراراً على المضي في الطريق نفسه، بل وسيزيدنا تماسكاً وتلاحماً لنتقدم معاً على الدرب نفسه، الذي سيظل نموذجاً يحتذى به بين شعوب العالم. نعم كان المصاب أليماً، ولكن حسبنا أنهم شهداء أحياء عن ربهم يرزقون، ويكفيهم وذويهم فخراً شرف الشهادة، وسيظلون في قلوبنا نموذجاً للبطولة والفداء، وستظل ذكراهم محركاً للشباب والرجال من أبناء الوطن للمزيد من العطاء لبلادنا التي قدمت لنا الكثير، ولقادتنا الذين قادوا سفينة الوطن بسلام وأمان حاملين راية القيم الإنسانية في كل مكان في هذا العالم. رحم الله شهداء الوطن.