تابعت تغريدة لشاب يبث غصة عاشها إثر أسلوب فج تعامل به أحد موظفي «الموارد البشرية» مع والده وهو يبلغه بإحالته للتقاعد.
ورصدتُ حجم التفاعل الهائل مع تلك التغريدة البسيطة، وبالذات دعوة صاحبها لإخضاع العاملين في هذه الأقسام لدورات لدى وزارة السعادة وجودة الحياة، ما يشير لخلل في التعامل يسود تلك الأقسام في العديد من الجهات والدوائر، حيث يفتقر العاملون في «الموارد البشرية» المعروفة اختصاراً باسم «أتش آر» لثقافة الترحيب بالموظف الجديد، وحسن توديع الموظف المغادر، سواء عند إحالته للتقاعد، أو انتهاء فترة عمله في هذه الجهة أو تلك.
تغيب هذه الثقافة لهيمنة عقلية «المن والتشفي» على شرائح واسعة من العاملين في الـ «أتش آر»، يعتقد الفرد منهم أنه يمن على الموظف الجديد، وهو يسلمه خطاب أو عقد تعيينه، متجاهلاً حقيقة الواقع بأن مصلحة أكبر من إدراكه تستوجب حسن معاملة الموظف الجديد والترحيب به وتسليمه أدوات عمله بكل احترام وتقدير، وتعريفه بزملائه الأقدم في المكان بما يعكس البيئة الإيجابية ومناخ العمل الأمثل لأجل إنتاجية أفضل، كما تحض على ذلك الممارسات العالمية، ونحن في وطن تحث قيادته دائماً على اتباع أرقى الممارسات، وتحقيق أفضل وأعلى النتائج والمراكز.
الشيء نفسه تجد أصحاب عقلية «المن والتشفي» يتعاملون به مع الموظف المنتهية خدماته، سواء بالتقاعد أو غيره، وتعاملهم معه بالطريقة المريرة التي تحدث فيها الشاب عن غصة والده، وكأنما هو إنسان غير مرغوب به حان وقت التخلص منه، حيث يجد نفسه ممنوعاً من الاقتراب منهم بعد إبطال بطاقات العمل الممغنطة، أو الحيلولة دون دخوله منشأة أفنى زهرة شبابه في خدمتها حتى لا يزعج المتكلسين خلف مكاتبهم ممن يتفننون في مماطلته لإنهاء معاملته، دون أن يدركوا لمحدودية تفكيرهم أن دورة الحياة ستحل عليهم ليتجرعوا من الكأس ذاتها، ويلقون الطريقة الاستعلائية ذاتها غير الحضارية. والأشد من ذلك أن هذه النوعية من التصرفات والممارسات غير المسؤولة، تحمل رسائل سلبية للعاملين بعدم تقدير ما يقدمون مهما تفانوا في خدمتهم، فسيكون بانتظارهم موظف من عينة ذلك الجلف الذي لم يُوفق في معاملة رجل متقدم في السن حان موعد تكريمه لتقاعده.
أتمنى أن تقترب وزارة السعادة من هذه الممارسات لخلق السعادة والإيجابية وجودة الحياة الفعلية في بيئات العمل.