الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أصحاب الذاكرة الخارقة متألقون في أعمالهم ويعيشون حياةً اجتماعيةً طبيعيةً

أصحاب الذاكرة الخارقة متألقون في أعمالهم ويعيشون حياةً اجتماعيةً طبيعيةً
20 نوفمبر 2011 02:22
يعكف متخصصون في بحوث الذاكرة من جامعة كاليفورنيا في مدينة إيرفين على حشد مجموعة واسعة من الأشخاص الذين يتمتعون بذاكرة خارقة ومتميزة في ما يتعلق بتذكر الأحداث المتسلسلة التي مروا بها في مراحل مختلفة من حياتهم. ويقولون إنهم بصدد دراسة حالات هؤلاء الأشخاص، وإنهم وجدوا إلى الآن 22 من أصحاب الذاكرة الخارقة، وإنهم يتوقعون تجميع قائمة تشمل 32 شخصاً بذاكرة خارقة من الأشخاص الذين يستطيعون تذكر تفاصيل دقيقة من حياتهم بشكل مذهل بالتاريخ واليوم وتسلسل الأحداث. خلال الاجتماع السنوي الذي عقدته مؤخراً جمعية علم الأعصاب الأميركية، قدمت الباحثة أورورا ليبورت لمحات جديدة عن أشخاص يتمتعون بموهبة القوة الخارقة للذاكرة الشخصية، مشيرةً إلى أن بنيات أدمغتهم مُشَكَلَة على نحو مختلف مقارنةً بغيرهم من أصحاب الذاكرات العادية، وأن هذه الاختلافات ستلعب دوراً مهماً لمعرفة أسباب تميز هذه الذاكرات عن غيرها وطريقة عملها ونموها وعوامل تطورها. واكتشف الباحثون أن الذكريات ليست هي الأشياء الوحيدة التي يجمعها أصحاب الذاكرات الخارقة، بل إنهم يتمتعون بقاسم مشترك يتمثل في وجود منطقة في أدمغتهم يؤشر اتساعها إلى قابلية أصحابها للإصابة بالوسواس القهري الذي قد يتمثل في إصدار سلوكيات غريبة من قبيل تجميع الأكل أو مستلزمات معينة خوفاً من نقصها أو الحاجة إليها مستقبلاً، أوالإصابة برُهاب الجراثيم الذي يُعد إحدى السمات التي يتصف بها هؤلاء الأشخاص، كما تقول ليبورت. الذاكرة الخارقة وعندما قامت ليبورت وزملاؤها بإخضاع 11 من أصحاب الذاكرة الخارقة إلى جهاز مسح مغناطيسي للدماغ، وجدوا أن منطقتين في أدمغتهم (منطقة العقد القاعدية ومنطقة التلفيف الصدغي الوسطي) كانتا أكبر مما هي عليه الحال لدى غيرهم من أصحاب الذاكرات العادية في ما يخص تذكر الأحداث المتسلسلة التي مروا بها في مختلف مراحل حياتهم. واكتشف الباحثون أن هاتين المنطقتين نفسيهما تكونان أوسع وأكبر لدى الأشخاص الذين يُعانون اضطراب الوسواس القهري. وتقول ليبورت “إن إصاباتهم بما يُشبه الوسواس حول ذكريات حياتهم وحاجتهم إلى تنظيم تلك الذكريات بالتواريخ التي حدثت فيها تُشير إلى أن القدرة العالية لذاكراتهم وسلوكيات الوسواس لديهم قد يكون لديها قواعد عصبية مشتركة”. وأضافت ليبورت أنه على الرغم من ملاحظة وجود ميول وسواسية لدى أصحاب الذاكرة الشخصية الخارقة الـ11، فإن فحوص التشخيص لم تكشف عن إصابة أي واحد منهم باضطراب الوسواس القهري. كيفية عمل الذاكرة وتأمل ليبورت وزملاؤها تجميع أشياء مفصلة أكثر عن طرق عمل الذاكرة العادية من خلال دراسة كيفية عمل الذاكرة لدى هذه النخبة من الموهوبين المتمتعين بذاكرات خارقة، وكذا كيفية عمل وظيفة تخزين الذكريات المتعلقة بتذكر الأحداث مع تواريخها ومع ما رافقها وتزامن مع حدوثها، بالإضافة إلى دراسة ما إذا كانت بعض الذكريات تحظى بحفظ واستدامة أطول وأكبر في الذاكرة من الذكريات الأخرى، من قبيل الذكريات التي تحمل مخزوناً عاطفياً قوياً. ويعكف الباحثون أيضاً على سبر أغوار القاعدة الجينية الوراثية لعينة ممن يتمتعون بهذه الموهبة الفذة. وقالت ليبورت في حوار أُجري معها على هامش المؤتمر، إن هناك أشخاصاً آخرين لديهم ذاكرات شخصية قوية جداً، بحيث تجد في ذاكراتهم ما يُشبه بنوك ذكريات مخزنة بكامل تفاصيلها. وهناك عدد من الأطفال يُعدون من المُرشحين للالتحاق بقائمة أصحاب الذاكرات الخارقة من الذين يتمتعون بذاكرات خارقة لفتت انتباه آبائهم فسارعوا إلى إبلاغ المتخصصين في بحوث الذاكرة بمجرد ما سنحت لهم الفرصة بالتواصل مع هؤلاء الباحثين. ورغم حداثة سنهم، فإنهم يملكون ذاكرات مذهلة قادرة على حفظ الأشياء التي حدثت في حياتهم القصيرة. وهذا ينبئ، حسب ليبورت، بأن أبطال الذاكرة هؤلاء وُلدوا بهذه الموهبة، ولم يكتسبوها بالتدريب. وقالت ليبورت، إنها اندهشت هي وزملاؤها بعدد الأشخاص الذي تبين أن لهم ذاكرات شخصية خارقة منذ أن نشر فريق بحثي من جامعة كاليفورنيا أول دراسة حالة لامرأة ذات ذاكرة خارقة في سنة 2006. وقضى هذا الفريق البحثي الذي يعمل بقيادة العالمين المتخصَصْين في بحوث الذاكرة جيمس ماكجوف ولاري كاهيل سنوات عديدة في التقصي والتحري للتأكد من دقة هذه الذكريات من خلال الرجوع إلى جداول التقويم السنوي والجرائد والمذكرات الشخصية واليوميات في الكثير من الحالات، وأن معظمهم اكتشفوا موهبتهم الخارقة وقدرتهم غير المألوفة على تذكر أحداث متسلسلة سابقة عند بُلُوغهم 11 أو 12 سنةً. «أيه جي» وعندما اتصلت امرأة بباحثي جامعة كاليفورنيا بإرفين لتشتكي إليهم وتُخبرهم بأن تعبت من ذاكرتها الشخصية التي تذكر جميع تفاصيل الأحداث التي مرت بها في حياتها دون نسيان شاردة ولا واردة، والتي كانت موضوع دراسة الحالة وأصبحت مشهورةً في أوساط البحث العلمي حول الذاكرة باسم “أيه جي”، كان يعتقد الباحثون أن الأمر يتعلق بشخص استثنائي فريد يتمتع بهذه الموهبة الخارقة، وأن الأمر لا يتعلق بأكثر من دراسة حالة واحدة تكفي لتناول حالته على انفراد وينتهي الأمر، كما تقول ليبورت. لكن نشر تلك الدراسة أظهر أن “أيه جي” ليست الوحيدة التي تتمتع بهذه الموهبة، وإنما هناك آخرون كُثُر غيرها. وتُضيف “عندما التفتت وسائل الإعلام إلى هذه المرأة وأصبحت محط اهتمامهم، جاء أشخاص من أماكن بعيدة ومتفرقة من العالم ليُخبرونا بأن ذاكراتهم تُخزن سجلات كاملة مصحوبة بكل تفاصيلها عن ما مروا به من تجارب وأحداث في مختلف مراحل حياتهم. ومن المفارقة أن هؤلاء الموهوبين هم أشخاص عاديون نسبياً. فهم ليسوا بأي شكل من الأشكال أكثر عُرضةً للقلق أو الكآبة مقارنةً بغيرهم من الأشخاص الذين يتمتعون بذاكرات عادية، كما أن معدل ذكائهم (IQ) مُشابه لمعدل ذكاء غيرهم. وتقول ليبورت، إن الأشخاص الذين قدموا للإبلاغ بموهبتهم الخارقة كانوا مختلفي المشارب ويمثلون مجموعةً متنوعةً تشمل الممثلة الشهيرة ماريلو هينر، ومنتجاً تلفزيونياً، ومذيع أخبار وعازف كمان وأستاذ تاريخ وعالماً نفسانياً، لكن القاسم المشترك الذي كان يجمعهم هو أنهم كانوا جميعهم متألقين في مجالات عملهم. وربما يكون أكثر شيء فاجأ الباحثين هو كون هؤلاء الأشخاص بدوا غير مكترثين بدفع ثمن هذه البيانات الشخصية المذهلة على شكل تضحيات في ميادين فكرية أو مجالات غير التي يحبون العمل فيها. وتقول ليبورت، إنه لم يكن أي من بين الأشخاص الذين أتوا أي مُصاب بالتوحد أو بخلل في أي من وظائفه الاجتماعية. وهو ما يرسم صورةً مختلفةً تماماً عن تلك الصورة التي نقلتها الباحثة الروسية لوريا سابقاً من خلال نشرها في القرن الماضي دراسة حالة لمراسل جريدة يكنى بحرف “إس” والذي وصفته لوريا بأنه كان يملك ذاكرةً خارقةً قادته في نهاية المطاف إلى فقدان القدرة على التفكير بَمْنطقية موهبته بالمرة. وتُضيف ليبورت “الأشخاص الذين قدموا إلينا يتمتعون بمهارات تواصلية عظيمة وشخصيات جذابة جداً وبمعنويات عالية، علاوةً على كونهم بدوا جميعهم سعداء. ومن الناحية السلوكية، فإنهم بدوا طبيعيين. وهذا هو ما جعلهم في نظرنا مهمين جداً. فأنْ تحظى بموهبة كهذه دون أي أعراض جانبية لهو أمر خارق وممتع حقاً”. هشام أحناش عن “لوس أنجلوس تايمز”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©