الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نوبل للسلام 2011: اعتراف بقدرات النساء

16 ديسمبر 2011 22:43
عندما سُلمت جائزة نوبل للسلام لهذا العام إلى ثلاث نسوة في العاشر من ديسمبر الجاري، اعترفت اللجنة بشيء تجاهله صناع السياسات على مدى قرون، ألا وهو عمل النساء ودورهن في تحقيق السلام. صحيح أنه تم تكريم نساء (مثل الفائزات هذا العام رئيسة ليبيريا إيلين جونسون سيرليف، والناشطة الليبيرية ليما جبويي، والناشطة اليمنية توكل كرمان) من قبل، ولكن كذلك الحال اليوم بالنسبة لمفهوم "مشاركة (النساء) الكاملة في جهود تحقيق السلام"، على حد تعبير لجنة نوبل. وهذا الاعتراف هو شيء جديد. منذ قرابة عقدين من الزمن، أقوم وأخريات في شبكة سلام نسائية عالمية بالدفع نحو مثل هذا التحول في تصور الناس للأمن الدولي إيماناً منا بأن العالم في حاجة إلى تجاوز "السلام" الذي يعتمد على زعماء الحرب، والانتقال نحو سلام مبني على خبرة كل المعنيين الرئيسيين، وبخاصة النساء. إذ يتعين علينا أن ننتقل من تدخلات غير مستقرة إلى أمن شامل، وهذا يتطلب تحولًا كبيراً في الكيفية التي يفكر بها صناع السياسات بشأن تحقيق السلام. وقد ظهر مفهوم "الأمن الشامل" في 1999 بجامعة هارفارد عندما تجمعت 100 امرأة من حول العالم بقصد توثيق الكيفية التي يسعين بها إلى تحقيق سلام عادل ودائم، وكانت ثمة حاجة إلى الإصغاء إلى أصواتهن في الدوائر حيث تُصنع السياسات. وقد تحدت هؤلاء الزعيمات من النسوة عناوين الصحف التي كانت تصفهن بالضحايا فقط، حيث ركزن على قدرتهن على خلق التغيير- وليس على هشاشتهن – وعلى الحاجة إلى مقاربة فعالة وعملية لإدارة النزاع. وقد كن أولى العضوات في "شبكة نساء يصنعن السلام" التي يبلغ قوامها اليوم 1000 وباتت تمثل قوة محركة عبر العالم. واليوم تنخرط هؤلاء النساء في حل النزاعات، حيث يقمن بمساعي الوساطة من أجل إنهاء النزاعات بين المناطق ومراقبة بؤر التوتر المحتملة داخلها. ومن بين العضوات الأول في شبكتنا إيلين جونسون سيرليف، التي أصبحت لاحقاً أول رئيسة بلد في أفريقيا، متبوعة بليما جبويي، التي كانت قد عبأت النساء الليبيريات عبر جانبي خط الانقسام الديني من أجل المساعدة على إنهاء 14 عاما من الحرب الأهلية. ومن خلال الانخراط المباشر مع عضوات أخريات ومن خلال نموذجها في ليبيريا، لعبت "سيرليف" دوراً فعالًا في بناء الشبكة، حيث ساعدن الأشخاص الذين عينتهم في مونروفيا، مثلا، على تنظيم "أيام الإلهام" التي تهدف إلى تشجيع النساء المحليات على الترشح لمناصب رسمية عبر ليبيريا. والرئيسة التي ترشحت في الانتخابات الأولى والأخيرة تحت اسم "ما إيلين"، معروفة عبر العالم بتركيزها على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والصورة التي أحتفظ بها في ذهني عن هذه المرأة القوية هي من الأيام الأولى لرئاستها. فبينما كنا ذاهبتين من الكنيسة إلى منزلها، ترجلت من السيارة وتجاوزت حراسها الشخصيين لتفحص الطوب الذي كان يصنع في الشارع. وعن ذلك قالت معلقةً "لقد كنت أرغب في التحقق من أن المجموعة الثانية من الطوب تطابق الأولى". انتباه كبير إلى التفاصيل! أما السيدة "جبويي"، فقد جلبت إلى شبكتنا تجربتها في تنظيم النساء المسلمات والمسيحيات في ليبيريا. فمعاً، ضغطن على الأطراف المتحاربة من أجل الدخول في مفاوضات 2002 التي أنهت تلك الحرب الفظيعة في الأخير. ويوثق الفيلم الحائز على جوائز، "صل من أجل عودة الشيطان إلى الجحيم"، تلك القصة الملهمة، ففي زمن السلم الهش، كانت "جبويي" تعمل مع الشبكة على إصلاح الشرطة والجيش. وفي ورشة في مونروفيا، كررت هذه الناشطة مشاعر النساء في العشرات من مناطق النزاع بقولها "إن الليبيريين معتادون على الهرب من قوات الأمن. ولذلك، علينا أن نغير هذا الشعور حتى يشرع الناس في اللجوء إليهم". مفتاح النجاح؟ إنه اعتراف صناع السياسات بأن النساء يغيِّرن عمليات السلام. فمن تجنب الحرب إلى وقفها إلى إعادة الإعمار، تعتبر النساء عنصراً أساسياً. وفي هذا الإطار، يُظهر عدد متزايد من البحوث أن النساء يتعرفن على إشارات التحذير المبكر التي تعد في أحيان كثيرة غير مرئية بالنسبة للرجال. وفي المفاوضات، تجلب النساء سلسلة أوسع من المواضيع إلى الطاولة، ما يمنح المفاوضات شرعية أكبر في المناطق التي يتعين عليها لاحقاً أن تقبل بالنتيجة. ثم إن مقاربة النساء للمفاوضات والوساطة تُحدث فرقاً أيضاً، لأن النساء يشجعن على الحوار ويستطعن مساعدة الرجال على حفظ ماء الوجه، الأمر الذي يخفض من حرارة مواجهة كانت سترتفع وتشتد لولا ذلك. ولكن عمل النساء لا يتوقف مع توقيع اتفاقية ما، ذلك أنهن قادرات على الحفاظ على تركيزهن على سلام عادل ودائم، ويشددن على ضرورة أن تعالج عمليات إعادة الإعمار احتياجات المجموعات المهمشة. وفي إطار هذه المقاربة الشاملة أيضاً، أنشأت النساء شراكات بين زعماء داخل الحكومة وخارجها من أجل خلق جسر بين التشريعات والناس. وقد أبرزت لجنة نوبل قيمة هذا التعاون عبر تتويج ليبيريتين من مراتب اجتماعية مختلفة: واحدة تعتبر أعلى مسؤولة منتخَبة في البلاد، والثانية ناشطة دينامية على مستوى القواعد الشعبية. قصة "سيرليف" و"جبويي" مذهلة ولافتة ولكنها ليست فريدة من نوعها. وقد حثت اللجنة، التي اعترفت بهذه الحقيقة التي تثلج الصدور، العالم على الالتفات إلى الحقل المعروف بـ"النساء والسلام والأمن". ومن تجربتنا الخاصة، يمكننا القول باطمئنان إن ذلك يمكن أن ينجح. سواني هانت رئيسة "معهد الأمن الشامل" بواشنطن، وسفيرة الولايات المتحدة إلى النمسا ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©