السبت 18 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

مبادرة محمد بن زايد قادرة على حل أزمة الهند وباكستان

مبادرة محمد بن زايد قادرة على حل أزمة الهند وباكستان
3 مارس 2019 03:46

أحمد شعبان، ساسي جبيل، الاتحاد (القاهرة، تونس، أبوظبي)

تجمع الإمارات العربية المتحدة وكل من باكستان والهند علاقات استراتيجية ومميزة، تؤكد الحرص على تعزيز السلام والاستقرار في هذه المنطقة. وقد شدد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، خلال اتصالين هاتفيين، الخميس الماضي، على أهمية التعامل مع المستجدات المقلقة على الساحة الهندية - الباكستانية بحكمة، والعمل على تخفيف حدة التوتر بين البلدين، وتغليب لغة الحوار والتواصل. مؤكداً حرص الإمارات على أن تسود العلاقات الإيجابية بين البلدين الجارين سلاماً واستقراراً في ظل الأرضية التاريخية والثقافية المشتركة التي تجمعهما، ومعرباً عن ثقته الكبيرة في القيادتين الباكستانية والهندية على أولوية الحوار والتواصل.
وتعكس رسالة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، استراتيجية الإمارات في تحقيق أفضل العلاقات مع البلدين، فقد أكد سموه خلال زيارته باكستان في يناير الماضي، أن الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تعمل على مزيد من التعاون والتنسيق بين البلدين على مختلف الصعد، وتدعم جهود تحقيق التنمية والأمن والسلم على الصعيدين الإقليمي والدولي، من خلال مبادراتها البناءة الهادفة إلى تحقيق الاستقرار والازدهار لجميع شعوب العالم، بجانب دعواتها المستمرة لتعزيز قيم التسامح والحوار والتعايش والتعاون في مواجهة مختلف التحديات الإقليمية والدولية.
وفي العلاقات مع الهند، تشدد الإمارات باستمرار على شراكتها التاريخية وتعزيز علاقات الصداقة بين البلدين، والحرص المشترك على تطورها، وتعكس الزيارات المتبادلة لكل من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى الهند، وتلك التي قام بها رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي للإمارات، الشراكة الاستراتيجية الشاملة لمبادئ أعمق في مجال التعاون المشترك لأبعد مدى، إذ باتت الإمارات اليوم الشريك التجاري الثالث للهند، فيما تعتبر الهند الشريك التجاري الأول للإمارات.
وثمن خبراء في القاهرة دعوة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لكل من رئيسي وزراء الهند وباكستان، إلى العمل على تخفيف التوتر بين البلدين، وتغليب لغة الحوار والتواصل بينهما للخروج من الأزمة الراهنة. وأكدوا أن دعوة سموه دليل على الحكمة في إدراك خطورة الصدام بين هاتين الدولتين النوويتين على الشرق الأوسط. وشددوا على أن الدعوة مهمة جداً في هذا التوقيت لاستبعاد أي مواجهة عسكرية في الفترة المقبلة، ونزع فتيل الأزمة، وحل الصراع دبلوماسياً.
وأكد هؤلاء لـ «الاتحاد» دور الإمارات الكبير في إحلال السلام والاستقرار في هذه المنطقة، وقالوا إن ما قام به سمو ولي عهد أبوظبي، جزء لا يتجزأ من استراتيجية الإمارات في السعي لإحلال السلام في العالم أجمع.
وكانت الهند وباكستان قد شهدتا في الأيام الماضية زيادة في حدة التوتر والصراع والنزاع حول كشمير، عندما نفذت طائرات هندية ضربات جوية استهدفت معسكراً لمتشددين داخل الأراضي الباكستانية، يوم الثلاثاء 26 فبراير 2019. واستفزت هذه الطائرات الجيش الباكستاني الذي تعامل معها وأسقط طائرتين، وأغلق المجال الجوي حتى إشعار آخر، بينما أعلنت الهند أنها أسقطت طائرة باكستانية في إقليم كشمير، بينما أسقطت باكستان إحدى طائراتها في اشتباكات جوية.

لغة الحوار
إلى ذلك، أكد الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، لـ «الاتحاد»، أن دعوة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لرئيسي وزراء الهند وباكستان، إلى العمل على تخفيف حدة التوتر بين البلدين الجارين، وتغليب لغة الحوار والتواصل لحل الأزمة، تُفهم في سياق الدور الإيجابي الذي تقوم به الإمارات لحل وتحجيم الصراع التاريخي بين الهند وباكستان، ومنعاً لتدخل الأطراف الأخرى في هذه المنطقة. مشيراً إلى أن هذه المنطقة حساسة ومهمة للغاية، وأن الصراع ليس تاريخياً فقط، ولكنه صراع معقد يشمل أطرافاً متعددة طوال السنوات الماضية.
وأكد فهمي أن تدخل الإمارات بثقلها السياسي والاستراتيجي عبر مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، يمكن أن يُقرّب وجهات النظر بين الطرفين المتحاربين إذا خلصت النوايا. لافتاً إلى أن الإمارات، لديها علاقات ممتازة مع الطرفين الهندي والباكستاني، لكنها تحتاج بطبيعة الحال إلى تجاوب من الطرف الآخر ممثلاً في الباكستانيين والهنود. وأشار إلى أن الإمارات تقوم اليوم بدور في حل الأزمات بمناطق مختلفة من دول العالم استكمالاً للدور الكبير الذي قامت به من قبل في أفريقيا.
لافتاً إلى أن الإمارات تتحرك في منطقة آسيا، ولها بطبيعة الحال حضور وقبول، كما قامت بهذا الدور في منطقة القرن الأفريقي في حل النزاع والصراع بين إريتريا وإثيوبيا وإنهاء الحرب الدائرة بينهما منذ عقود طويلة، وكذلك التحركات الإماراتية على أعلى مستوى في الصومال. مشيراً إلى أن هذا الدور الذي قامت به الإمارات في القرن الأفريقي ينطبق الآن على مجال الحركة في آسيا، وهذا يعني تمدد الدور الدبلوماسي الإماراتي الناجح في مناطق مختلفة في المنظومة الإقليمية والدولية.
وأكد فهمي أن هذا النجاح الإماراتي في هذا الدور السياسي بين الدول التي بينها صراع، مرجعه إلى المهارة الدبلوماسية التي يتحرك من خلالها القادة المسؤولون في الإمارات، وعلى رأسهم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي دعا الطرفين الهندي والباكستاني إلى الحوار والسلام وإنهاء الصراع. وتوقع أن تلقى دعوة سموه للحوار بين الطرفين القبول والنجاح، مؤكداً أن هذه الدعوة جيدة وجاءت في توقيتها المناسب، مشيراً إلى أن الإمارات تحظى بأكبر قدر من المصداقية السياسية في هذا التوقيت، لكن الأمر يرتبط أيضاً بالطرفين الآخرين الهندي والباكستاني، مؤكداً أن هناك تجاوباً من قبل الطرفين لهذه المبادرة الإماراتية. مضيفاً «حتى ولو كان هناك سيناريو آخر لدخول أطراف آخرين، فدولة الإمارات ستبقى أقوى طرف يجد قبولاً من الطرفين في هذا التوقيت»، لافتاً إلى أن هناك أطرافاً إقليمية ستدخل على إدارة الأزمة بهدف تشعيبها أو استثمارها أو توظيفها سياسياً، ولكن تبقى الإمارات بمفردها قادرة على حل الصراع بين البلدين.

السلام العالمي
من جانبه، أكد الدكتور طه علي، الباحث السياسي المتخصص في الشأن الخليجي، أن دعوة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى رئيسي وزراء الهند وباكستان بضرورة الحوار وتخفيف التوتر، يمكن النظر إليها من أكثر من منظور، أولاً، إدراك سموه، لتبعات أي صدام محتمل بين اثنتين من القوى النووية في العالم، على منطقة الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن أي صدام سوف ينسحب ويؤثر على العالم من كل الاتجاهات والمنظورات، سواء كان سياسياً أو اقتصادياً أو أمنياً، وثانياً: الاتفاق والتكامل مع الرؤية التوفيقية التي تبناها الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، خلال زيارته الهند وباكستان أخيراً للتأكيد على الدور الخليجي.
وأشار إلى أن الإمارات حينما تحتضن الهند وباكستان في إطار حوار توفيقي وتصالحي، تؤكد دورها الكبير والمحوري على الساحة العالمية، وأنها نموذج قادر على احتضان القوة الكبرى في العلاقات الدولية، فكما نجحت الإمارات على المستوى الداخلي، فإنها نجحت أيضاً في إحلال السلام بين الدول.
وثمن دور الإمارات الكبير في إحلال السلام والاستقرار في هذه المنطقة التي تشهد صراعاً طويلاً بين الهند وباكستان من خلال الدعوة للحوار بين البلدين، مؤكداً أن ما قام به سمو ولي عهد أبوظبي، جزء لا يتجزأ من استراتيجية النموذج الإماراتي في إعلاء قيم الحضارة الإنسانية والسلام العالمي، لافتاً إلى أنه على أرض الإمارات يتعايش الكثير من الجنسيات والديانات.
وأكد أن الإمارات دولة الخير، تسعى لحل أزمات مصر واليمن وليبيا من منطلق إرث زايد الخير، وتماشياً مع نهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي كان يسعى دائماً للصلح بين الدول وإحلال السلام، فخير زايد والإمارات يمتد إلى خارج حدود الشرق الأوسط، بما يعود أيضاً على دول الشرق الأوسط بالخير والسلام والاستقرار، وتجنيب المنطقة كلها الصراع والنزاعات والحروب.
مؤكداً أن هذا جزء لا يتجزأ من الرؤية العالمية لصانع القرار في الإمارات، وتوقع النجاح بشدة لمبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في إحلال السلام بين الهند وباكستان لأسباب عدة، منها أن الإمارات طرف محايد ونزيه، وصاحبة اسم قوي ولامع ومؤثر، لديها إرث قديم من قيم المحبة والإخاء والسلام والقيم الإنسانية والتي عبر عنها نموذج استضافة مؤتمر الإخوة الإنسانية.

نجاح المبادرة
من جانبه، أكد الدكتور سعيد اللاوندي، أستاذ العلاقات الدولية، أن الخلاف بين الهند وباكستان يدور بشكل عام ويدفع ثمنه سكان كشمير، لكن المبادرة الإماراتية التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال اتصاله برئيسي وزراء الهند وباكستان، والتأكيد على أهمية الحوار وتخفيف حدة التوتر، مهمة جداً في هذا الإطار، بحيث يتم استبعاد أي مواجهة عسكرية بينهما في الفترة القادمة، ونزع فتيل الأزمة وحل الصراع حلاً دبلوماسياً. وأكد أن الإمارات من أكثر الدول التي تحتفظ بعلاقات طيبة مع الهند، وكذلك مع باكستان، ولذلك وجود مبادرة إماراتية لحل النزاع بينهما سوف يكون مقبولاً من كلا الدولتين، مشيراً إلى أنه رغم التصعيد الحالي والتوتر بين البلدين، إلا أن الإمارات سوف تنجح في أي مبادرة لإزالة التوتر الدائر الآن.

احترام وثقل دولي
بدوره، قال المحلل السياسي التونسي باسل ترجمان لـ «الاتحاد»: «مرة أخرى تسعى الدبلوماسية الإماراتية بما تملكه من حنكة واحترام وتقدير دوليين من التحرك لنزع فتيل الأزمة الخطيرة التي تشهدها العلاقات بين الهند وباكستان في تأكيد لنهج سارت عليه منذ البدايات في العمل من أجل ضمان الأمن والسلم الدوليين»، وأضاف: «إن هذه الدعوة في حال قبلها طرفا النزاع، ستشكل بوابة لنزع فتيل التوتر». لافتاً إلى أن الإمارات بما لها من تقدير وثقل سياسي واحترام كبير في العالم، ولدى الهند وباكستان، قادرة على جمع الفرقاء، ووضع آليات عقلانية، تمكن من دفع الجانبين للسعي لوضع حد للتوتر المتصاعد، والعودة للحوار السبيل الوحيد لحل كل النزاعات بين الدول.

الحكمة والثوابت
وقال الإعلامي والكاتب التونسي علي الخميلي: «ككل مرة، وكلما حصل إشكال أو مستجدات مقلقة، بين الجيران والأشقاء والأصدقاء، من الدول في المنطقة أو في العالم، لا تتردد الإمارات في التدخل بالحكمة والعقل، للعمل على تخفيف التوتر، والدعوة إلى تغليب لغة الحوار والتواصل، وهي سياسة رشيدة ينتهجها قادة الدولة، منذ التأسيس، معتمدين على ما جعل الإمارات عنواناً للاعتدال والدعوة إلى السلام، والمساهمة في تحقيقه وإقراره على الساحة الإقليمية والدولية، كما جعلها مقصداً مهماً وأساسيا للمسؤولين وصناع القرار، من أجل الاهتداء برأيها في ملفات المنطقة ومشكلاتها وأزماتها، وهو ما جعل دورها يكون مؤثراً في مختلف المشكلات، بفضل هذه السياسة الخارجية المتزنة التي جعلت لها أصدقاء كثيرين في العالم، وبوأتها مكانة مرموقة بين الأمم والدول، ولنهج سياستها الخارجية المتوازنة وصدقيتها في التعامل مع مختلف القضايا الثنائية والإقليمية والدولية».
وأكد الخميلي أن الإمارات انتهجت سياسة خارجية، سمتها الحكمة والاعتدال والتوازن، ومناصرة الحق والعدالة، واعتماد أسلوب الحوار والتفاهم بين الأشقاء والأصدقاء، مرسخة احترام المواثيق الدولية والالتزام بميثاق الأمم المتحدة، واحترام قواعد حسن الجوار وسيادة الدول، بالإضافة إلى وحدة أراضيها، وحل النزاعات بالطرق السلمية، مضيفاً أن مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بإجراء اتصالين مع مودي وخان داعياً للحوار، تندرج في نطاق الثوابت والمرتكزات لدولة الإمارات التي اختارت هذا النهج الذي أرسى قواعده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، ما جعل الدولة تتبوأ مكانة مرموقة في المجتمع الدولي، ما جعل التفاعل معها يكون إيجابياً ومتطوراً نوعياً في تعزيز العلاقات مع دول العالم.

تخفيف التصعيد لكن التأهب مستمر
خففت باكستان والهند، أمس، التصعيد الحدودي بعد تسليم إسلام آباد الطيار الهندي الأسير، لكن مع استمرار البلدين في حالة التأهب والحذر، وعبر الطيار أبهيناندان الحدود الباكستانية عائداً إلى بلده في مراسم تسليم رفيعة المستوى أذاعها التلفزيون عند معبر واجاه- أتاري الحدودي.
وأكدت الحكومة الباكستانية أن إطلاق سراح الطيار الأسير يشكل بادرة على حسن النية بهدف خفض التوتر المتصاعد مع الهند والمستمر منذ أسابيع مما هدد بنشوب حرب بين البلدين، لكن الجيش الباكستاني شدد على أن سلاحي الجو والبحرية ما زالا في حالة تأهب وحذر، مع مقتل اثنين من جنوده، إضافة إلى 5 مدنيين آخرين بينهم امرأة بعد تبادل إطلاق النار مع قوات هندية بمحاذاة خط المراقبة، فيما اتهم الجيش الهندي، باكستان بإطلاق قذائف «هاون» فوق خط المراقبة.
وكان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي رحب بالطيار الهندي الذي أفرجت عنه باكستان قائلاً إن البلاد فخورة بشجاعته، وكتب على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» قائلاً: «مرحباً بك يا قائد الجناح أبهيناندان.. الأمة فخورة بشجاعتك النموذجية.. قواتنا المسلحة مصدر إلهام لـ 1,3 مليار هندي».
وعمت الفرحة أرجاء الهند بعودة طيارها، فيما قدم وزير الإعلام والإذاعة الباكستاني فؤاد حسين شودري، طلبا للجنة نوبل النرويجية لترشيح رئيس الوزراء عمران خان لجائزة نوبل للسلام 2020، لجهوده في إدارة الأزمة مع الهند وجهوده الحثيثة في حل صراعات المنطقة الآسيوية المختلفة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©