السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا... إجراءات لاحتواء مخاطر «الشمال»

أميركا... إجراءات لاحتواء مخاطر «الشمال»
14 مايو 2009 02:41
على علو شاهق وفوق التضاريس الوعرة التي تمتد عبر المنطقة الحدودية تتولى طائرة بدون طيار، مزودة بكاميرات ليلية ورادار للرصد، مراقبة المكان لكشف أية محاولة للتهريب، أو لتسلل مهاجرين غير شرعيين، أو إرهابيين. وخلافاً لما قد يعتقد البعض لا يتعلق الأمر بالحدود الأميركية- المكسيكية، بل بنظيرتها الشمالية مع كندا، حيث عززت السلطات الأميركية إجراءاتها الأمنية على حدودها الشمالية وأصبحت عناصر مسلحة من حرس الحدود تتحقق من بطاقات الهوية لكل مستخدمي الحدود من مواطني البلدين وتخضعهم لوسائل مراقبة مشددة تتوزع بين الأشعة تحت الحمراء والكاميرات المثبتة على أعمدة تمتد عبر المعابر الحدودية. وبالطبع لم تمر هذه الإجراءات الأميركية دون إثارة استياء السكان الذين يعيشون على جانبي الحدود الممتدة على مسافة 3987 ميلا، وهو ما تعبر عنه «بيرناديت سيكو»، مستشارة الاتصال في الجانب الكندي من شلالات نياجرا، قائلة: «لم نتعود قط في حياتنا أن تفصل بيننا حدود، فنحن جيران ولسنا إرهابيين». لكن الولايات المتحدة لجأت إلى تعزيز منظومتها الأمنية على الحدود الشمالية بعد هجمات 11 سبتمبر وتنامي المخاوف من تكرار الحوادث الإرهابية. بل زادت إجراءات المراقبة في الفترة الأخيرة بعدما غذتها هواجس واشنطن من احتمال استغلال الهدوء الذي يسود الحدود مع كندا، فضلا عن شكاوى بعض الجهات من التعامل المتراخي للولايات المتحدة مع كندا مقارنة بجارتها الجنوبية، المكسيك. وقد حرصت وزيرة الأمن الداخلي، «جانيت نابوليتانو»، في تصريح أدلت به مؤخراً على توضيح سياستها الجديدة في التعامل مع الحدود الشمالية قائلة: «من بين الأمور التي يتعين علينا الانتباه إليها ذلك الشعور المتنامي لدى المكسيك بأنه إذا كان لابد من تشديد الإجراءات الأمنية في الولايات الجنوبية، فإنه يتعين التعامل بالمثل مع الحدود الشمالية»، مضيفة: «بعبارة أخرى علينا ألا نتعامل بأسلوب مخفف مع كندا ونتشدد في التعاطي مع المكسيك»، معتبرة أن الدول الثلاث أي الولايات المتحدة والمكسيك وكندا تقتسم الجزء الشمالي من القارة الأميركية وتجمعها أيضاً اتفاقية للتجارة الحرة، ولذا فلابد من المساواة في التعامل. وقبل فبراير من عام 2008 كانت الحدود الشمالية مفتوحة إلى درجة أن الدخول إلى الأراضي الأميركية لا يتطلب سوى الإعلان الشفهي للهوية الكندية دونما حاجة للإدلاء بالأوراق، إلا أن السلطات الأميركية شرعت ابتداء من شهر يونيو من السنة نفسها في اشتراط جواز سفر، أو بطاقة هوية، للسماح للكنديين بعبور الحدود إلى داخل الأراضي الأميركية، وهو ما أجّج العديد من الاحتجاجات التي نظمها السكان على جانبي الحدود وعبروا فيها عن تذمرهم من القضاء على نمط حياة بكامله. وعن هذا الموضوع تقول «كاثرين شويتزر»، إحدى الناشطات في جمعية للحفاظ على التاريخ المحلي للمنطقة الحدودية: «لقد كان الأمر سهلا للغاية وعادياً جداً، واليوم نفاجأ بوجود حواجز تقيد تحركنا ونرى عناصر حراسة مسلحة، وهو أمر مخيف فعلا». وبخلاف الحدود مع المكسيك التي يصل طولها نصف الحدود الكندية تقريباً لا توجد ملامح انفلات أمني، إذ نادراً ما تُسجل حالات تهريب، أو انتهاك للقانون، وهو ما يعبر عنه «أزيل برايس»، أحد أفراد حرس الحدود قائلا: «إن الأمور هادئة في هذه المنطقة ولا تسجل حوادث كبيرة». لكن المسؤولين الأميركيين يحذرون من أن الهدوء قد يكون خادعاً، ولاسيما أن احتمالات تنفيذ هجوم إرهابي من الشمال هي الأكبر من الناحية النظرية على الأقل مقارنة بالحدود الجنوبية مع المكسيك. ويدلل المسؤولون الأميركيون على مخاوفهم بقضية «أحمد رسام» الذي أدين بمحاولة تفجير مطار لوس أنجلوس الدولي عندما ضبط في عام 1999 متسللا عبر الحدود الكندية إلى الولايات المتحدة ومعه شاحنة محملة بالمتفجرات. كما أن تقريراً أعدته إدارة الجمارك وحماية الحدود ورفعته إلى الكونجرس أشار إلى «قلق حقيقي» من أن يتسلل المتشددون إلى الولايات المتحدة عبر الحدود الشمالية، وذكر ما أسماه بـ «الوجود المؤكد في كندا لفروع إرهابية لجماعات معروفة بما فيها حزب الله وحماس والجماعة الإسلامية المسلحة الجزائرية». وبالطبع خلفت هذه التصريحات استياء واضحاً لدى المسؤولين الكنديين الذين اعتبروا التصريحات الأميركية حول المخاطر الأمنية القادمة من الشمال مبالغاً فيها، بل نددوا بشدة بما قالته وزيرة الأمن الداخلي «نابوليتانو» في حديث أدلت به إلى قناة تلفزيونية كندية من أن «الإرهابيين الذين قدموا إلى الولايات المتحدة عبروا الحدود الكندية»، وعندما سُئلت عما إذا كانت تقصد منفذي هجمات 11 سبتمبر ردت قائلة: «إن الأمر لا يقتصر على هؤلاء فقط، بل هناك آخرون». ومباشرة بعد التصريحات اتصل المسؤولون الكنديون من العاصمة أوتاوا بمكتب الوزير الأميركي، وبالسفير الكندي في واشنطن الذي قال إنه يشعر «بالإحباط» لما يجري. لكن على رغم الانزعاج الكندي تواصل السلطات الأميركية تشديد إجراءاتها الأمنية على الحدود الشمالية، حيث افتتح حرس الحدود أول قاعدة للطائرات بدون طيار بولاية داكوتا، الشمالية كما نشرت معدات متطورة لرصد التحركات على جانبي الحدود مثل أجهزة الاستشعار عن بُعد التي تتعرف على المعادن المختلفة، وترصد التغيرات في درجة حرارة الأجسام التي تعبر الحدود. بوب دروجين محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©