الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فرانسواز ساغان: الحب مثل المال لابد من صرفه

فرانسواز ساغان: الحب مثل المال لابد من صرفه
1 مايو 2008 04:11
تصف ساغان سعادتها أثناء انكبابها على الكتابة عند إحساسها بانها توفقت في تحرير جملة بديعة الأسلوب والصور، آنذاك تسكنها مشاعر الفرح والنشوة، ويلذ لها الانغماس الكلي في رزمة الورق التي أمامها تملأ بياضها بما يجيش به خاطرها من بديع النثر وجميل القول، وهي تشير الى ان سعادة غامرة تفيض داخلها عند إدراكها بانها توفقت في الربط الجميل الأدبي بين كلمتين او بين فقرتين· تقول: ''تلك هي اللحظة الحاسمة البديعة التي يشعر فيها الكاتب بانه مبدع حقيقي''· ولساغان روايات أخرى كثيرة لا تقل قيمة وإثارة عن ''صباح الخير ايها الحزن''· فهذه الأديبة اشتهرت برواياتها وايضاً بشخصيتها المتمردة الثائرة على التقاليد، وبجرأتها في حياتها، وهي اليوم وبعد مماتها منذ ثلاث سنوات أصبحت لدى الفرنسيين تكاد تكون أسطورة· اعترافات مثيرة إن اعترافات الأديبة الفرنسية فراسواز ساغان والتي نشرتها قبل وفاتها بقليل تصل الى حد الإعلان بانها فعلاً استهلكت المخدرات ولكنها أكدت بانها كانت تتناول اقل من جرامين اثنين فقط من الكوكايين في الشهر الواحد· علماً بأن المحاكم الفرنسية اتهمت ساغان منذ بضع سنوات قبل وفاتها بتهمة تعاطي المخدرات وأصدرت عليها حكماً قضائياً بستة اشهر سجناً مؤجلة التنفيذ وبغرامة مالية كبيرة· وتعترف ساغان بانها لم تسقط في الإدمان وتقر بمضار المخدرات ودعت الشباب للإقلاع عن تعاطيها· ومن أقرب الاصدقاء اليها في حياتها الاديب جان بول سارتر والرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران الذي رافقته في أغلب سفراته الرسمية حتى انه عام 1985 أغمي عليها في كولومبيا وتم نقلها بسرعة الى فرنسا، وتحدثت الصحافة وقتها عن إفراطها في تناول المخدرات (أوفر دوز) واضطر وزير الثقافة الفرنسية وقتها جاك لانغ ليصرح بأن ما أصابها هو بسبب المناخ· والى جانب تعاطيها المخدرات كانت مغرمة بالقمار، وقد خسرت أموالاً طائلة وربحت في ليلة واحدة مبلغاً اشترت به بيتاً فخماً في الريف الفرنسي، أما غرامها الآخر فهو بالسياقة بسرعة جنونية وقد حصلت لها حوادث نجت منها بإعجوبة· الحب والصداقة والمال تعترف فراسواز ساغان بانها عاشت حياة عاطفية مضطربة وهي تقول في هذا السياق: ''الحب·· مثل المال لابد من صرفه''، والحب المفرط لساغان للحياة تسبب لها في خيبات عاطفية كثيرة خرجت منها متألمة مجروحة·· مهزومة ومع ذلك فهي لم تستسلم وأصرت على التأكيد بانها تعلمت ''ان تركب الفشل· لتسير فوقه في اتجاه السعادة'' مؤكدة: ''انها عاشت الحياة اكثر مما كتبتها'' مضيفة ''أن العذاب والألم والشقاء لا تعلمنا شيئاً·· ولذلك ارتميت في أحضان السعادة·· حتى ولو كانت وهماً''· ورغم انها جمعت ثروة طائلة من مبيعات كتبها، الا انها في السنوات الأخيرة من حياتها غرقت في الديون واضطرت الى بيع الكثير من الهدايا الثمينة التي تلقتها لتسديد بعض ما طالبته بها الضرائب ومعروف انها امرأة كريمة ومبذرة· وعندما تقدم بها العمر نسبياً، ذهب المال وذبل الجمال وانتكست صحتها، ورغم انها في أيام مجدها الادبي خالطت الأوساط العليا وربطتها صداقات مع نجوم الفن والسينما والسياسة، الا انها قضت الليالي الأخيرة من حياتها وحيدة في منزل لصديقة لها، تصرخ من شدة الالم حسب شاهدة عيان· والكثيرون ممن ادعوا الصداقة لها أداروا لها ظهورهم في ساعات الشدة، ولكنها تقول بانها غير حقودة، ورد فعلها الوحيد إزاء من تسميهم هي بالمنافقين الكاذبين والحاسدين هو النسيان·· وطي الصفحة، بل انها ورغم الوجع والالم اللذين نخرا وجدانها بسبب خيانة الأصدقاء فانها ـ حسب قولها ـ كانت تحاول البحث لهم عن أعذار مؤكدة: ''بعضهم يتغلب عليه الخوف والجبن''· وأمام خيبات الأمل الكثيرة التي أصابتها من جراء تنكر الأصدقاء لها وخيانتهم ارتمت الكاتبة في الوحدة، وفضلتها على مخالطة إخوان السوء، معلنة في كبرياء كاذب بانها لا تخافها بل احيانا تبحث عنها· بين إدعاء النقاد والحقيقة وترفض فراسواز ساغان في اعترافاتها التي نشرتها قبل وفاتها الصفات السيئة الكثيرة التي ألصقها بها الناس والنقاد في فرنسا· تقول: ''يطلقون علي احيانا صفة المرأة المعذبة المتألمة ويذهب البعض الآخر الى حد الحكم عليّ وعلى أدبي بانني سطحية، بل اكثر من ذلك هناك من كتب انني غبية، ولكن الحقيقة التي يجهلها من اهتم بي من النقاد انني امرأة مهووسة باللحظة التي أعيشها''· ومن أغرب ما اعترفت به ساغان قولها إنها تكذب معللة ذلك بعدم رغبتها في جرح الآخرين، واعلنت بصراحة انها تختلق حكايات ومواقف واقوالا لمجرد التسلية، وهي على يقين بانه لا يمكن أن توجد على وجه الأرض حياة زوجية مستمرة دون كذب· احست ساغان بجراح الزمن الذي يمضي وهي في السادسة والثلاثين واصبحت بسبب ذلك اكثر هشاشة واصبحت كما تقول تحيا بألم وماتت حزينة وهي في التاسعة والستين من عمرها·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©