الأحد 19 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

خبراء: اختفاء العملات الورقية «ممكن».. ولكن؟

خبراء: اختفاء العملات الورقية «ممكن».. ولكن؟
6 ابريل 2020 01:18

حسام عبد النبي (دبي)

أعادت الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19»، طرح السؤال عن اختفاء العملات النقدية (الورقية) وإمكانية استبدالها بحلول أكثر أماناً للوقاية من انتشار الأمراض، مثل المدفوعات الرقمية أو العملات البلاستيكية التي يسهل غسلها وتعقيمها، أو حتى بالعملات الإلكترونية.
ويؤكد الخبراء الماليون أن اختفاء العملات الورقية أمر ممكن في ظل انتشار فيروس «كوفيد 19» الذي خلق نوعاً من الوعي (الإجباري) لدى أفراد المجتمع بأهمية المدفوعات الرقمية.
كما يدعمون وجهه نظرهم بما تحقق على أرض الواقع وبشكل أسرع من المتوقع مثل إتمام نسبة 40% من التحويلات المالية في الإمارات عبر التطبيقات الإلكترونية حالياً وزيادة عمليات الدفع عبر البطاقات الذكية، لافتين إلى أن زيادة تكلفة طباعة واستيراد واستبدال النقود إلى نسبة 1.5% من الدخل القومي لبعض الدول يجعل الأمر منطقياً.
وفي المقابل يرى فريق آخر أن التحول إلى مجتمع خالٍ من الكاش عاجلاً أم أجلاً أمر حتمي وهناك الكثير من السوابق التي حدثت مثل اختفاء أدوات مالية ورقية ومنها الشيكات السياحية والشيكات البنكية التي تراجع استخدامها بشكل لافت.
ولكن هناك عدداً من المعوقات وأهمها عدم توافر منظومة متكاملة للمدفوعات الرقمية في الكثير من الدول، وعدم توافر ثقافة الدفع غير النقدي لدى الكثير من أفراد المجتمع، إلى جانب صعوبة تحقيق الشمول المالي بنسبة 100%.

بنية تحتية
وتفصيلاً يرى أسامة آل رحمة، نائب رئيس مجموعة مؤسسات الصيرفة والتحويل المالي، الرئيس التنفيذي لشركة الفردان للصرافة، أن الاستغناء عن العملات الورقية قد يحدث في المستقبل، ولكن في الوقت الحالي فهو أمر غير واقعي، خاصة أن الدراسات العملية أثبتت أن عمليات الدفع في غالبية الدول لاتزال تعتمد على المدفوعات النقدية (كاش)، فضلاً عن أن الأمر قد يحتاج إلى مرور بعض الوقت لتغيير ثقافة أفراد المجتمع لزيادة الوعي بأهمية المدفوعات الرقمية، مؤكداً أن توفير بيئة ناجحة للمدفوعات الرقمية يحتاج إلى توافر بنية تحتية قوية ومتطورة ومنظومة متكاملة لاستقبال وإتمام المدفوعات.
ولفت آل رحمة، إلى أن استبدال العملات الورقية بنظم رقمية للدفع يتطلب كذلك أن يكون لدى جميع أفراد المجتمع حسابات مصرفية بمعنى تحقيق الشمول المالي بنسبة 100%، وهو أمر يصعب تحقيقه حالياً، إذ إن هناك نسبة كبيرة من سكان العالم ليس بمقدورهم فتح حسابات مصرفية.
وقال إنه على العكس من ذلك فإن هناك بعض الدول التي اتخذت خطوات ناجحة وعملية في إيجاد منظومة متكاملة للدفع عبر القنوات الرقمية مثل الصين التي وفرت إمكانية لإتمام عمليات الدفع الرقمي عبر الوسائل المختلفة ومنها الدفع عبر الهاتف والدفع عبر الأجهزة المحمولة وكذا نظم دفع مثل «سامسونج باي» و«علي باي» و«آبل باي» وغيرها، مشيراً إلى أن دولة الإمارات خطت بالفعل خطوات ناجحة من خلال هيئة أبوظبي الرقمية و«دبي الذكية» لتوفير منظومة رقمية للمدفوعات الحكومية بالكامل في مختلف أنحاء لدولة.

الإجراءات الاحترازية
وفيما يخص عدم وعي البعض بكيفية إتمام عمليات الدفع الرقمي، أفاد آل رحمة، بأن الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا المطور «كوفيد - 19» خلقت نوعاً من الوعي (الإجباري) لدى أفراد المجتمع بأهمية المدفوعات الرقمية وبشكل (أسرع من المتوقع). وأوضح أنه على الرغم من أن عملية طباعة النقود الورقية تعد مكلفة لكثير من الدول حتى إنها تستحوذ على نسبة 1.5% من الناتج المحلي لبعض الدول بسبب استيراد العملات وطباعتها في الخارج وتأمين عملية الطباعة واستهلاك العملات الورقية، إلا أن اختفاء العملات الورقية في الوقت الحالي أمر غير ممكن، مرجعاً ذلك إلى أن الأوضاع الاقتصادية العالمية الحالية تجعل من غير المنطقي أن تقبل الكثير من الدول أو المؤسسات المالية على الاستثمار في توفير نظم الدفع الرقمي لأنها تصارع البقاء وتجاهد للاستمرار ومواجهه تداعيات مرحلة الركود التي يمر بها الاقتصاد العالمي حالياً.
واختتم آل رحمة، بالتأكيد أن استبدال العملات الورقية بعملات بلاستيكية من أجل الحفاظ على الصحة وعدم نقل الأمراض أمر لايزال يحتاج إلى المزيد من الدراسات لاسيما وأنه حتى الآن لم تثبت أن العملات الورقية تنقل كل الأمراض، إلى جانب أن الوضع الحالي يتطلب بشكل عام الحرص على تعقيم كل شيء من الجراثيم لأن العدوى قد تنتقل عند ملامسة أي سطح به الفيروس حتى لوكانت العملات البلاستيكية أوحتى العبوات الورقية المستخدمة في توصيل وتعبئة المواد الغذائية.

الأجل الطويل
ومن جهته، أكد محمد بيطار، نائب المدير العام لشركة الأنصاري للصرافة، أن اختفاء العملات الورقية أمر غير مستبعد ولكن على مدى زمني طويل نسبياً، مفسراً ذلك بأنه قبل أسابيع قليلة كان الجميع يعتقد أن ثقافة استبدال العملات الورقية أو الدفع النقدي بإتمام عمليات الدفع رقمياً غير موجودة على الإطلاق، ولكن جاء «كورونا» ليغير كل المفاهيم حيث زاد الإقبال على إتمام عمليات الدفع عبر الوسائل الرقمية بشكل خارج التوقعات فعلي سبيل المثال أصبحت عمليات تحويل الأموال عبر التطبيقات الإلكترونية تشكل نسبة 40% من إجمالي عمليات تحويل الأموال.
وقال إن التحول الكامل في الوقت الحالي نحو مجتمع غير نقدي (خال من الكاش عموماً) أمر يصعب تحقيقه في جميع الدول في ذات الوقت، إذ أن هناك نسبة قليلة من الدول التي تتوافر لديها منظومة متكاملة لإجراء المدفوعات الرقمية، موضحاً أنه على سبيل المثال فإن إتمام عمليات الدفع عبر البطاقات الإلكترونية (الخصم أو الائتمانية أو المسبقة الدفع) قد يتطلب تحميل العميل بالرسوم التي تتقاضاها شبكات الدفع العالمية مثل فيزا وماستر كارد، إلى جانب أن الكثير من المتاجر ومحال البقالة الصغيرة لاتستطيع تحمل تكلفة الماكينات اللازمة لإجراء عملية الدفع.

القنوات الإلكترونية
قال محمد بيطار إن انتشار فيروس كورونا والإجراءات التي اتخذتها الدول للحد من انتشاره أثبتت أن العالم يستطيع ويمكن الاستغناء بشكل أو بأخر عن العملات الورقية والمدفوعات النقدية، وأن المشكلة ليست في ثقافة أفراد المجتمع وإنما في توافر البنية التحتية اللازمة للمدفوعات الرقمية.
وأكد أنه حتى وقت قريب كان لايوجد أحد في العالم يتوقع اختفاء أدوات مالية ورقية للدفع مثل الشيكات السياحية أو يتقلص استخدام الشيكات البنكية إلى لاتزال تستخدم كأداة دفع ولكن الإقبال تراجع عليها بشكل واضح في ظل نظام الخصم المباشر والتحويلات المالية من الحسابات البنكية عبر القنوات الإلكترونية.
ولفت إلى أن العامل الجوهري في التحول من استخدام العملات الورقية أو النقد بشكل عام إلى المدفوعات الرقمية لن يكون هو التكلفة العالية نسبياً لطباعة النقود أو بسبب مواجهه انتشار الأمراض عبر العملات الورقية، بقدر ما سيكون في إطار توجه عالمي قد يسود العالم قريباً.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©