الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

التعليم وسر الرقم 12

التعليم وسر الرقم 12
13 ابريل 2020 01:40

قبل سنوات كنت في رحلة إلى كوريا الجنوبية، وكان رفقني مسؤول تربوي عربي رفيع المستوى.
طرحت عليه سؤالاً بدا بالنسبة له مفاجئاً: لماذا يتعين على أبنائنا أن يقضوا اثنتي عشرة سنة في المدرسة؟ أقصد لماذا 12 سنة بالتحديد؟ لقد كان السؤال أبسط وأكثر بداهة من أن يتمكن ذلك المسؤول الإجابة عنه.
أحياناً تكون الأسئلة البدهية أصعب من المعادلات الفيزيائية.
كررت السؤال نفسه على مسؤولين تربويين في أكثر من مكان: لماذا 12 سنة مدرسة؟ وكان الرد نفسه: سؤالكم لم يخطر بالبال.
على ما يبدو لا أحد يعلم سر الرقم 12.
هل هي مجرد سنّة متوارثة؟ ربما، وماذا عن المناهج التعليمية؟ أشعر بأن قسطاً كبيراً منها مجرد أعباء معرفية لا أكثر.
لو سألت أي تلميذ اليوم ما هي عاصمة ساحل العاج، سيلجأ إلى «جوجل».
وكذلك سيفعل لو سألته عن ماهية العناصر الفلزية واللافلزية! لا أحد سيبحث في كتاب الجغرافيا أو الكيمياء.
في عالم اليوم، تكديس المعلومات لا يصنع وعياً، بل يزيد من أعباء الذاكرة.
المعلومات مهمة، ولكن ليس لذاتها، بل من أجل الحياة والتقدم.
الأمر لا يقتصر على الجغرافيا والتاريخ، حتى الرياضيات نفسها لا تنجو من هذه القاعدة.
هل ثمة أناس يتطلب عملهم معرفة تطبيقية بالتفاضل والتكامل؟ إن كان الجواب بنعم، فإن عدد أولئك الناس سيكون قليلاً للغاية.
أما من يحتاجون إلى الإحصاء، فهم أكثرية، وعددهم يزداد كل يوم في عصر البيانات الرقمية.
أمر آخر: لطالما كانت العملية التعليمية قائمة على تدريس ما هو معلوم، أي الأشياء التي خضعت للتجريب وثبتت صحتها.
هذا التعليم أصبح من الماضي عندما كان الأبناء يعيشون حياة تشبه تلك التي عاشها آباؤهم.
أما اليوم، فلا أحد يظن أن الغد يشبه الأمس.
نستطيع بسهولة معرفة كيف كانت الحياة في الماضي، لكننا نصارع لفهم العصر الذي نعيش فيه، أما عن المستقبل فحدّث ولا حرج عن الغموض والتغيرات المتسارعة باطّراد.
خلاصة القول: العالم اليوم يتجه نحو نظام تعليمي يهيئ الأجيال للتعامل مع المجهول، وليس المعلوم.
ونحن في الإمارات لسنا بعيدين عن ذلك، بل في قلب التحولات المعرفية، وفي صفوفها الأولى.
وللحديث بقية!

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©