الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«سكّين» الدعاية تطعن رقبة الذائقة الأدبية !

«سكّين» الدعاية تطعن رقبة الذائقة الأدبية !
29 ابريل 2019 03:18

ناصر الجابري (أبوظبي)

باتت وسائل التواصل الاجتماعي «معارض» موازية لمعارض الكتب الواقعية. ففيها ومنها تنطلق موجات الترويج للعناوين الجديدة. يتولاها غالباً المؤلفون أنفسهم، وتقوم بها أحياناً دور النشر، ويتداولها بشكل واسع القرّاء المفترض أن يكونوا جهة متلقية لا طرفاً مروجاً لهذا الكتاب أو ذاك دون تدقيق أو تمحيص أو حتى قراءة متأنية.
فهل يقع الجميع ضحايا لدعاية مضللة؟ وهل هناك وسيلة أنجع تساعد الراغب في اختيار الكتاب المجدي؟ أم إن وسائل التواصل الاجتماعي باتت مثل «السكّينة التي تسرق رقاب الجميع»، حتى في المجال الأكثر شفافية، أي مجال الثقافة والمعرفة والقراءة؟
بين «سكّينة» الدعاية، وتجليات الذائقة الأدبية، ينتشر كتاب وينحسر آخر، فمن الذي يحمي الكتاب الجاد من تلك «السكّينة»؟
«الاتحاد» نقلت هذا الهاجس إلى مجموعة من الشباب، متسائلة عن دور وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي في صياغة ذائقة الشباب الأدبية وتحديد خياراتهم الشرائية، وإن كان الرواج والانتشار هو العامل الأول لهم.

تقييم مسبق
عن هذه المسألة، تقول موزة راشد: قبل اقتناء كتاب أحرص على سؤال المحيطين بي سواء من العائلة أو الأصدقاء حوله، كما أطلع على عدد من مواقع تقييم الكتب التي تتيح للقراء كتابة انطباعاتهم وتجاربهم خلال القراءة، مما يسهم في وضع صورة عامة عن محتوى الكتاب وما يتضمنه من أحداث ومواقف أو أفكار، إضافة إلى أسلوب الكتاب ومستواه الأدبي والذي يجعلني إما متلهفة لقراءته أو أتجه إلى خيارات أخرى.
وأضافت: في بعض الأحيان أجد مجموعة من الإصدارات الجديدة للذين أتابعهم عبر منصات التواصل الاجتماعي، وإن وجدت أنه أحد من أثق في أطروحاتهم الفكرية وخياراتهم الثقافية فإني أحرص على قراءة ما تتضمنه كتاباتهم ومؤلفاتهم، لأن ما نقرأه من أسلوب أدبي مختزل في جمل قصيرة، يعد، في كثير من الأحيان، معياراً لما سيكون في المؤلفات.
وأشارت إلى أن الذوق الأدبي للشخص هو المعيار الأساسي في تفضيل كتاب على آخر؛ فالسبب الحقيقي يعود إلى مدى تناسبه مع ذائقة الشاب نفسه، إذ إن هناك الكثير من الكتب التي يتم تسويقها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتحصل على شهرة واسعة في مختلف المنصات، إلا أنني أجدها غير مناسبة لي نظراً لأسلوب الصياغة أو طريقة تقديم المحتوى.

حوار الأصدقاء
من جهتها، قالت روضة محمد: خلال النقاشات الجانبية مع الأصدقاء، كثيراً ما نتحدث عن الكتب التي نالت إعجابنا، أو وجدناها مناسبة وممتعة لنا، وعند سماع ذلك أحرص على البحث عن الكتاب والاطلاع عليه قبل الشراء، من خلال قراءة مقدمة الكتاب وعدد من الصفحات التي تمنحني صورة عامة حول القضايا التي يتناولها والمفردات المستخدمة.
وأضافت: تعد وسائل التواصل الاجتماعي اليوم إحدى العوامل لمعرفة الكتاب قبل الذهاب إلى معارض الكتب، من خلال دور النشر التي تحرص على تسويق المؤلفات ونشر جانب من الفصول للمتلقين، أو من خلال المؤلفين أنفسهم الذين ينشرون نصوصاً متنوعة بهدف جذب القارئ لشراء الكتاب، وبالتالي الكتب كغيرها من المنتجات التي تأثرت بفعل هذه الوسائل.
وأشارت إلى أن الكثير من الجيل الحالي تتنوع خياراته في الكتاب، فهناك من يفضل اختيار الكتاب خلال جولته في المعرض بناء على عنوان الكتاب أو نصيحة دور النشر أو ما يقرأه من صفحات بسيطة، أو لمعرفة مسبقة بسبب نصيحة صديق، كما توجد الكتب التي تحقق انتشاراً هائلاً نظراً لمؤلفيها الذين يحظون بصيت واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يجعلهم مؤثرين أيضاً في معارض الكتب.

ضعف الثقة
من ناحيتها، أشارت حنايا الهنائي إلى أنها لا تثق في الآراء المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي حول الكتب، نظراً لتعدد الأسباب التي قد تكون خلف رواج الكتب، كأن تكون بسبب إعلان ما أو لشهرة الكاتب في مجالات أخرى غير الكتابة؛ ولذلك كثيراً ما تكون الكتب الأكثر مبيعاً مختلفة عن الكتب الأكثر جمالية ومتعة، وهو ما يتطلب من القراء بحثاً دقيقاً حول ميولهم الثقافية.
وأضافت: أحرص على استشارة الأصدقاء بشكل أكبر؛ لأنهم يتناسبون معي في التفكير، وضمن الفئة العمرية التي أنتمي لها، ولأن الحديث عن الكتاب بعد تجربة قراءته يختلف تماماً عن استعراضه لمجرد شهرته أو شعبيته بين شرائح مجتمعية مختلفة، فالكتاب يخضع لمعايير معينة وحول اتجاهات محددة، إما أن تتواءم معي ثقافياً أو تتباين مع ما أفضّله من مؤلفات.

أغراض دعائية
من جهتها، شددت حنين خميس على أن الكثير من ما يتم ترويجه في وسائل التواصل الاجتماعي يأتي لأغراض دعائية تفتقد المصداقية والموضوعية، فهناك من المشاهير الذين يحرصون على الإشادة بكتاب معين مقابل مبلغ مادي، وهو ما يفرض ضرورة التحري عن الكتاب وما يتحدث عنه من أفكار، حتى لا يقع القارئ في مصيدة الإعلانات المضللة.
وأشارت إلى أن من الأفضل الاعتماد على رأي العائلة أو الأصدقاء، باعتبارهم الأقرب فكرياً من القارئ، فهم الذين يدركون جيداً ما يتناسب معه من أنواع أدبية، خاصة مع تنوع الذائقة الأدبية التي قد تميل إلى الشعر أو كتب الرواية أو السير الذاتية أو كتب التاريخ، وغيرها من الأنواع المختلفة التي لا تتصل بالضرورة مع نوع الكتاب المنتشر جماهيرياً.

المتابع والمؤلف
من جهته، رأى سالم البلوشي أن وسائل التواصل الاجتماعي تعد العامل الأكبر لجذب الشباب والقراء نحو اختيار الكتاب، فهي تلعب دوراً كبيراً في معرفة المؤلفين ومستواهم الكتابي ومدى اطلاعهم ومعرفتهم بشتى القضايا، خاصة المواقع الجديدة التي تتيح إمكانية نشر مقاطع مصورة تستعرض صوراً من الكتاب، عوضاً عن الكتابة فقط.
وأشار إلى أن هذا النوع من المواقع يسهم في تعميق العلاقة بين المتابع والمؤلف، كما تمثل مصدراً للبحث عن الكتاب نفسه للكشف عن تفاصيله وللإبحار في عوالمه التي قد تكون خفية عند الإشارة إليه فقط عبر وسائل التواصل، وهو ما يؤكد الأهمية المتنامية لهذه المواقع في تحديد الكتب التي يتم قراءتها، مما يفرض أهمية اتجاه الكتاب ودور النشر للتسويق عبر استخدامها بفعالية.
ولفت إلى قيامه خلال المعرض بشراء مجموعة من الكتب، منها كتاب لإحدى المؤلفات ممن لهن حضور كبير عبر هذه المواقع، موضحاً أن نسب المبيعات والإقبال على الكتاب والاتجاه لهم، يتناسب مع حجم نجاحهم في استخدام الوسائل اللازمة للوصول إلى المتلقي، خاصة مع وجود هذا العدد الهائل من الكتب المتنوعة والتي تجعل من البحث عن الكتاب قبل معرفة مؤلفه أمراً صعباً.

فخ التواصل
يدعو حامد عبدالحميد إلى أن يراجع القارئ خيارات الشراء خلال تواجده في دار النشر، بالاطلاع على عدد من الصفحات والتأكد من تناسب الكتاب مع ذائقته الأدبية حتى لا يقع في فخ ما يروج له في وسائل التواصل، لافتاً إلى أن رواج الكتاب المسبق في هذه المواقع قد يكون أحد أسباب ذيوع الكتاب، مؤكداً أن الأمر يتطلب أيضاً وجود وعي من القارئ بضرورة التأكد والمطالعة.
وأشار إلى أن تأثير وسائل التواصل واضح في كثير من الجوانب الشرائية إن كانت ثقافية أو تجارية أو غيرها، وما يحدد هل هو تأثير سلبي أو إيجابي هو القارئ نفسه، سواء بالتحقق بنفسه من جودة الكتاب ليكون جديراً بالشراء، أو أن النشر في مواقع التواصل غايته الظهور والانتشار وليس بهدف الارتقاء بالفكر والمعرفة.

خيارات ثقافية
توافق حنين الهاشمي أن الأصدقاء هم الأقرب لعقل القارئ والأدرى بخياراته الثقافية المطلوبة، إلا أنني أثق أيضاً في خيارات بعض الكتاب الذين نجحوا في وسائل التواصل، لأن عباراتهم تحتوي على الأساليب الأدبية المناسبة لذائقتي والمفردات التي تعبر عن المشاعر، ولأن شهرتهم جاءت انعكاساً لأعمالهم الأدبية.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©