الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سيدة البهارات» تعشق التوابل وتنقل فكر الجدات إلى من حولها

«سيدة البهارات» تعشق التوابل وتنقل فكر الجدات إلى من حولها
25 مايو 2010 21:18
بروح تعبق بالتوابل وتفوح منها رائحة الكمون والينسون والكركم والقرفة، تدور عائشة سلطان شاهين في أرجاء المكان مثل النحلة، وتلتحم مع الحجارة الصغيرة كالتراب حين تجلس على الأرض، أو تفترش حصيراً من سعف النخيل، لتشكل صورة حية عن المرأة المتشبعة بالأصول العربية من الوريد إلى الوريد، وحين تلمس كفاها ما حولها بطريقة الأمهات والجدات ذاتها، تبرق الشمس من بين أصابعها وتنعكس على تلك التوابل. هي سيدة عشقت التوابل ونقلت فكر الجدات إلى من حولها وهي صغيرة لا تتجاوز الرابعة عشرة، حين تعلمت أن التوابل هي جزء من عمليات التداوي أو المرض، وأن كل شيء لا بد أن يكون بمقدار، وإلا فسد وأفسد أموراً كثيرة، ولذلك تعرف بميزان العين أن كل نوع من التوابل لا بد أن يؤخذ منه بمقياس، وهي سيدة بسيطة تسكن في منطقة «الحنية»، التابعة للفجيرة في الطريق المؤدي إلى رأس الخيمة، ولكنها وأهل تلك المنطقة كرماء في أسلوب الترحيب بالضيوف، ولذلك يعتبر ترحيبهم بديلاً عن ذبيحة ووليمة. كان عمر عائشة عشر سنوات حين تزوجت ورحلت مع زوجها من الفجيرة إلى واحة ومدينة الذيد، وهناك بدأت في اكتشاف مهاراتها وركزت على ما يحتاج له الإنسان كل يوم، حتى القهوة عرفت أنها تحتاج إلى أن تبهر أو يوضع لها جناد «بتعطيش الجيم»، وهي مؤمنة أنه لا يمكن لأية محل لطحن وسحق الحبوب «التابلة» أن يكون بنصف نظافة ما يصنع في البيت، ولكن حين تخلت الكثير من السيدات عن تصنيع البهارات في المنزل، لم تقدر هي على فعل ذلك، واستمرت في ذلك حتى بعد أن عادت إلى منطقتها. كانت كل ربة منزل تأتي إلى أم سلطان لتشتري منها البهارات، عوضاً عن شرائها من المطحنة، وبمرور الوقت وجدت أنها تلبي احتياجات الأسر من ما يسمى محلياً بـ «البزار»، وهي لفظة بديلة عن بهار، ومنذ ما يزيد على عشرين عاماً وهي تحتل مرتبة مميزة في مجال تصنيع البزار أو البهار، حتى أصبحت تلقب بسيدة البزار أو البهارات، ولأن كل الأسر تستخدم بهارات أم سلطان في البرياني أو العيش واللحم، وأيضاً في المكبوس وصالونة السمك وكذلك صالونة اللحم والدجاج، فقد طلب منها أصحاب المطابخ التي تجهز للولائم والمناسبات بهارات لتلك المطابخ. أم سلطان تصنع البهارات على الطريقة التقليدية القديمة، فهي تأتي بالتوابل وتنظفها يدوياً من المخلفات التي تجدها داخل «الشوالات» أو الأكياس التي تعبأ بها التوابل، ومنها مخلفات يمكن أن تتسبب في أمراض إن تم إلقاء التوابل في المكائن وطحنها دون تنظيف. ثم يتم لف التوابل كل على حدة في أقمشة قطنية شفافة تسرب الكثير من الهواء حتى تتبخر أية مواد سائلة قد تكون متبقية في التوابل، وتأتي فيما بعد عملية تحميص كل نوع على حدة، وبحرارة تعرفها المرأة هي ليست بالشديدة ولا اللهب البارد، والمرحلة النهائية طحن التوابل وتصنيع البهارات بتحديد معيار لكل نوع سوف يدخل في التركيبة، ويعبأ بعد ذلك في علب ويدخل إلى الثلاجة أو البراد، كي يبقى طازجاً، ولكن في قديم الزمان حين لم تكن هناك ثلاجات كانت المرأة تعمد إلى وضع قطعة كبيرة من ملح البحر غير مطحون، وتعمل تلك الملحة على إبعاد السوس والحشرات عن البزار حتى تنتهي الكمية.
المصدر: الفجيرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©