السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«نوبل للسلام»...هل تدفع أوباما في الاتجاه المعاكس؟

«نوبل للسلام»...هل تدفع أوباما في الاتجاه المعاكس؟
13 أكتوبر 2009 23:58
انضم باراك أوباما مؤخراً إلى نادي الحاصلين على جائزة نوبل للسلام، والأمر في الواقع ليس سيئاً بالنسبة لرجل لم يمر على مغادرته لمجلس شيوخ ولاية إلينوي سوى خمس سنوات، لكن علينا الحذر من هذا التتويج، فالرئيس أوباما قد يندم قريباً على تشريفه بالجائزة، كما قد تندم لجنة نوبل لاختيارها أوباما لجائزة السلام. أولا دعونا نتخلص من الانتقادات المألوفة، فالجائزة وإن كانت تحركها دوافع سياسية، إلا أنها لم تخفِ ذلك في يوم من الأيام، فهي كانت دائماً تسعى إلى تعزيز رؤية ليبرالية في إدارة شؤون العالم، ولم تكن هذه المرة الأولى التي تنتقد فيها لجنة نوبل إدارة بوش بعد أن قلدت جيمي كارتر الجائزة في العام 2002 أثناء استعراضه لعضلاته واستعداده لغزو العراق. ولا شك أيضاً أن أوباما فاز بسبب تطلعاته ونواياه الطيبة أكثر من إنجازاته، وهي الحقيقة التي اعترف بها أوباما نفسه، لكن الأمر ينطبق على ثلاثة أرباع الفائزين بنوبل للسلام الذين حصلوا عليها بفضل طموحاتهم أكثر من إنجازاتهم، سواء تعلق الأمر بالشرق الأوسط في العام 1994، أو بتيمور الشرقية في العام 1996، ومع أن أوباما قد يمثل حالة استثنائية للطموح الذي يحذو العالم للسلام، إلا أنه لا يخرج عن المألوف. والحقيقة أن المشكلة الحقيقية بالنسبة لجائزة نوبل للسلام تكمن في احتمال ارتدادها على صاحبها وعلى القضايا السلمية التي يدافع عنها، لذا قد تحمل الجائزة لأوباما في طياتها نتائج سلبية وقد تأتي بعكس ما تطمح له جماعة أوسلو والقيمين على نوبل، فهي قد تدفع أوباما إلى تبني مواقف أكثر تشدداً على الساحة الدولية والتلويح بالعصا على المسرح العالمي لتناقض بذلك الهدف الأسمى من الجائزة. ففي السابق حرصت لجنة نوبل أن تعزز الجائزة القضايا التي يدافع عنها الفائزون بطرق ضمنية وغير مباشرة مثل تسليط الضوء على المنظمات والأفراد والقضايا المهمة، والتسوية السلمية للصراعات، ولفت الانتباه الدولي للأنظمة القمعية، غير أن هذه النوايا الطيبة لم تنجح إلا نادراً في خلق اهتمام إعلامي متواصل ومستدام للقضايا المهمشة والمنسية، ولم توفر ما يكفي من الحوافز لعمليات السلام حديثة النشأة منها، أو القديمة، بل الأسوأ من ذلك أدى منح الجائزة إلى المعارضين والمدافعين عن الديمقراطية إلى تشديد قبضة الأنظمة عليهم وخنق تحركاتهم من قبل الأنظمة القمعية، وما علينا في هذا الصدد سوى أن نتوجه بالسؤال إلى نشطاء التبت الذين عانوا من عملية قمع قاسية مباشرة بعد حصول «الدلاي لاما» على الجائزة في العام 1989، أو ما تعرض له النشطاء البورميون من مضايقات واعتقال بعد حصول المعارضة «أونج سان سو» على الجائزة في العام 1991، أو حتى الإيرانيين الذين وجدوا أنفسهم أمام هجمة شرسة من المحافظين عقب فوز «شرين عبادي» بالجائزة في العام 2003. وفي جميع هذه الحالات لم توفر جائزة نوبل للسلام الحماية الضرورية لنشطاء الديمقراطية من أزلام الأنظمة عندما طرقوا أبوابهم، لذا لا تغير نوبل للسلام في أفضل الظروف شيئاً فيما تطلق في أسوئها تحركاً سياسياً يسير في عكس الهدف المتوخى من الجائزة والمتمثل في دعم السلام والقضايا العادلة في العالم. ومع أن أوباما ليس من النشطاء الليبراليين الذين يخشون قمع النظام، لكن عليه ألا يستطيب الجائزة، لا سيما وهو السياسي المحنك ما يفرض عليه الانتباه إلى التداعيات الداخلية لحصوله على الجائزة. فبالنسبة للمعجبين بالرئيس يؤشر هذا الفوز عودة مرحب بها للقيادة الأميركية للعالم بعد سنوات جورج بوش الكريهة، لكن بالنسبة للعدد المتزايد من الأميركيين المستائين تبعث الجائزة على الحذر والشك، وقد يعتقد هؤلاء أنه إذا كان المجتمع الدولي يقدر إلى هذه الدرجة أوباما، فلأنه يشاطره نفس الأجندة ذات التوجه الليبرالي المتطرف، أو لأنه يهتم أكثر بالقضايا العالمية مقارنة بتلك الداخلية، ويضاف إلى ذلك حساسية الرئيس تجاه اتهامات الضعف التي توجه له ما قد يدفعه إلى تبني بعض مواقف الصقور في بعض الحالات، وليس أدل على ذلك من أفغانستان. وبهذا المعنى قد تتحول الجائزة إلى عبء سياسي يُصعب عليه مهمة تطبيق أجندته الداخلية المتعلقة بإصلاح نظام الرعاية الصحية وتحفيز الاقتصاد، فكيف سيرد أوباما على هذه الادعاءات؟ لا بد أنه سيحاول تفنيد الانطباعات المتولدة لدى منتقديه بأن يسعى إلى الظهور بمظهر المتشدد في القضايا الدولية، وهنا قد يلجأ أوباما على سبيل المثال إلى إنهاء تردد إدارته بشأن أفغانستان، ويقرر تبني رؤية الجنرال ماكريستال الداعية إلى مضاعفة القوات الأميركية في أفغانستان. ولئن كان الهدف من منح أوباما جائزة نوبل للسلام هو دعم مواقفه المنفتحة وتعزيز مقاربته الدبلوماسية في حل الصراعات وصنع السلام، إلا أن سعي الرئيس إلى التقليل من حدة الانعكاسات السلبية للجائزة على الساحة الداخلية والتخفيف من عبئها السياسي على رئاسته قد ينتهي الأمر بالجائزة إلى إضعاف أجندته الخارجية مثل التعاون الدولي وإخلاء العالم من الأسلحة النووية بدل رفد هذه الأهداف بما تحتاجه من زخم لتحقيقها. رونالد كريبز أستاذ العلوم السياسية بجامعة مينيسوتا الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©