الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مبادرة النيل الشعبية

11 يونيو 2010 22:05
عُرف الصادق المهدي بأنه إمام طائفة الأنصار (أنصار جد والده الإمام محمد أحمد المهدي)، واشتهر كذلك بأنه زعيم حزب "الأمة" الذي يرتكز على تلك الطائفة الدينية. لكن الصادق يتمتع بصفات أخرى منها أنه باحث سياسي وديني متعمق، وأن له إسهامات في قضايا وطنه ومحيطه الإفريقي والعربي، بل وفي قضايا دولية متعددة. وخلال الأيام الأخيرة خاض في النزاع الدائر بين دول حوض النيل التي انقسمت بين دول المنبع من جهة ودولتي المصب (مصر والسودان) من الجهة الأخرى. وحذر الصادق من أن الاستقطاب الحالي قد يؤدي إلى مواجهات عنيفة ينبغي العمل على تفاديها، ودعا كل دول الحوض للتوقيع على الاتفاق الإطاري والإسراع بتكوين مفوضية للحوار حول ما يجب عمله لضمان الأمن المائي لكل دول الحوض، والاتفاق على تجنب أي أعمال تلحق الأذى بأحد الأطراف، مع القبول بمبدأ تخصيص حصص لدول المنبع، وهو مبدأ -فيما قال- أقره السودان ضمن اتفاقية 1959. وطالب المهدي بضرورة ربط المحاصصة بمشروعات تدفق المياه، وهي مشروعات عديدة أهمها المشروعات الواقعة في جنوب السودان والتي يمكنها زيادة تدفق مياه النيل بنحو 20 مليار متر مكعب. وناشد الصادق المهدي حكومتي السودان ومصر عدم عرقلة المبادرة الشعبية، وطالب بأن يتولى هذا الملف من هم مؤهلون؛ فنياً ودبلوماسياً وسياسياً. أما فيما يتعلق بتمسك دولتي المصب بنصوص اتفاقية 1959، فيرى الصادق أنه يجب مراعاة حقيقة أن دول المنابع لم تشارك في وضع تلك الاتفاقية، وأن تطور الحياة فيها خلال عشرات السنين قد اقتضى أن تكون لها حاجة وحق في مياه النيل، وأن ذلك ممكن دون المساس بحق مصر والسودان. ودعا الصادق لإفساح المجال للجهد الشعبي في السودان ومصر لخلق دينامية مختلفة توفق بين الحقوق والمطالب، وتمد الجسور نحو بلدان الحوض الأخرى مشدداً على أن الجهد الشعبي يمكن أن يخفض نغمات المؤامرة وطبول الحرب ويخلق رأياً عاماً ضاغطاً في اتجاه إيجابي نحو الوفاق المنشود. ونضيف إلى ما تقدم أن اهتمام الصادق المهدي بقضية مياه النيل ليس جديداً، إذ كان قد أصدر كتاباً في تسعينيات القرن الماضي، خلال إقامته في القاهرة، بعنوان "الوعد والوعيد"، وقد أكد فيه ضرورة تبني اتفاقية توافقية جامعة بين الحقوق المكتسبة والحقوق الطبيعية. أما مبادرته الأخيرة، فلم ترحب بها الدوائر الحكومية، لا في مصر ولا في السودان التي قال بعض مسؤوليها إن هذه قضية فنية وينبغي تركها للفنيين الذين يعرفون كل مداخلها. بينما قال مسؤول مصري إن منطلقات مبادرة المهدي عاطفية، وإن القضية حساسة وينبغي التعاطي معها بخلفياتها السياسية والقانونية والفنية. لقد أعلن إمام الأنصار مبادرته هذه في ندوة عقدت بداره في مدينة أم درمان حول "الصحافة والسياسة"، وحضرها لفيف من الخبراء والمهندسين والفنيين والصحفيين. ورغم أن الرسميين في الخرطوم والقاهرة لم يرحبوا بمبادرة المهدي، إلا أن ذلك لم يمنع الخبراء والمهندسين والمهتمين بالأمر الذين حضروا الندوة، من أن يعتبروا المبادرة مخرجاً وحيداً من الأزمة الحالية. لذلك تم تشكيل لجنة تمهيدية لتواصل الدراسات وعقد الندوات وتنظيم الاتصالات مع الجهات الرسمية والشعبية لإنجاح المبادرة. إن ما ذهب إليه الصادق من تأكيد وإعلان مبادرته لحل أزمة حوض النيل قد يكون هو الجهد الشعبي الوحيد في كل بلدان حوض النيل، سواء في دول المنبع أم في دول المصب. وإذا قدر لهذا النوع من المبادرات أن يتطور وينتقل إلى البلدان الأخرى فإن ذلـك قد يـؤدي إلى تكوين رأي عام ضاغـط في كـل بلـدان الحوض بمـا يساعـد المسؤولين الرسميين في الوصـول إلى توافق ينهـي حالـة التوتر الحالية، ويعـود بكـل دول الحوض إلى اتفاق يحقـق مصالح الكـل ولا يضير أحداً. محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©