الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

عدسة أنطونيو أراغون.. «جنة القلوب المنسية»

عدسة أنطونيو أراغون.. «جنة القلوب المنسية»
15 سبتمبر 2019 02:35

أزهار البياتي (الشارقة)

في هذا العالم الواسع، هنالك دوماً الكثير مما يجري في الظل، يختبئ خلف الجدران، يجري بين الأزقة وفي الزوايا، حكايات وقصص من إفرازات الحياة، ربما لم تكن لتظهر للعلن لولا عدسات الكاميرات وشغف المصورين، جرأتهم، وقدرتهم على رصد الأحداث اليومية وتصويرها لمشاهد يخلّدها التاريخ، من هذا المنطلق وعلى امتداد سنوات طوال، جاب المصور الإسباني أنطونيو أراغون بعدسته الدنيا، ملتقطاً عبرها لحظات فاصلة بين الموت والحياة، شاهداً معها على حالات إنسانية وقصص واقعية وثقها كصور وشواهد، ستكون حاضرة بقوة في الدورة الجديدة والرابعة من «إكسبوجر 2019».
المتابع لمشوار الفوتوغرافي أراغون صاحب مجموعة صور «جنة القلوب المنسية»، التي ساهمت في تغيير حياة الكثيرين من الأطفال في القارة الأفريقية، بعد أن التقطها بعدسته مسجلاً مشاهد لواقع العيش في بلدان يعاني سكّانها من ظروف غاية في الصعوبة، سيكشف بلا شك كيف أن للصورة تأثيراً وقوة وصوتاً من الممكن أن يصل للضمير العالمي.

إبداع وشغف
بدايات شغف أراغون بالتصوير الفوتوغرافي أدركها منذ الصغر، مبحراً في أغوار العالم، مقدماً من خلال صوره حزمة متنوعة من الأعمال التي يصفها بأنها «عوالم ساحرة مليئة بالتناقضات والوجوه والمعاناة»، حيث قال: «قادتني الصدف والفضول إلى عالم التصوير، كنت طفلاً دائم البحث عن أشياء جديدة، والعدسة ملأت عندي هذا الفضول، وهو ما تحول لاحقاً إلى هوس وإبداع وشغف تعلمت منه سحر اللعب بالظل والضوء، أعيش في تفاصيل الصور وأكتشف عبرها عالماً مليئاً بالتناقضات، مما دفعني لأجوب الدنيا وأثري مسيرتي بما تحمله لي الأيام من القصص والتجارب».

لا للحيادية
على الرغم من إدراك أراغون بصعوبة التزام الحيادية في عالم التصوير في سبيل توثيق الحياة ورصد تجلياتها، إلا أنه ملتزم دائماً بنقل الحقائق كما هي، وهو يشير إلى هذا، قائلاً: «من الصعب أن يكون المصور محايداً، فتجربة كل واحد منا تعكس واقعه وظروفه الخاصة التي تحدد طريقته ونظرته للحياة، وكلّ منا يفسر ذلك بأنماط مختلفة، فالتصوير مهنة تواجه بها واقعاً مريراً ومخاطر كثيرة ربما تهدد حياتك، ولكن لاحقاً سيكون أمامك الفرصة لإعادة التفكير بما ستفعله بالصور التي التقطتها وكيف تستثمرها في إيصال رسالتك وأفكارك إلى العالم».
وحول رؤية المصور وحرصه على التوقع ورؤية الحياة من زاوية مغايرة، أوضح أراغون: «تمكنت من تكوين رؤية واضحة ومنطقية عن ما يحدث حولنا، ومن واقع تجاربي آمنت بأن الصورة لن تغير العالم، لكن هذا لا يعني أن نتوقف عن التصوير، فمهمتنا كمصورين هي إظهار الحقيقة وتسليط الضوء على الأحداث، وإلهام الناس للتفكير فيها، فالصورة هي الأمل في هذا العالم».

قصص إنسانية
ومع اختلاف مواطن العيش والبلدان، تختلف الحكايات الإنسانية، حيث يصف أراغون المشاهد التي صادفها في رحلاته الطويلة قائلاً: «تتشابه مشاهد الظلم والمعاناة في كل مكان، فمشهد طفلة تبكي سواء كانت تعيش في حفرة موبوءة في أفريقيا، أو في مخيم للاجئين في آسيا أو في ضاحية منسية في أوروبا هو ذاته، قد تتغير الوجوه والوقائع، لكن الفكرة هي ذاتها، وفي بعض الأحيان أقدم صوراً تضجّ بالألوان، وفي أحيان أخرى أستسلم لسحر الأبيض والأسود، حسب الحكاية التي أودّ إبرازها».
ويتابع: «من الضروري أن يعيش المصوّر الحالة ويكون له رأي فيما يقوم به، فأنا لا أؤمن بمبدأ الحيادية، ففي اللحظة التي تضع فيها الكاميرا أمام عينيك فإنك تقف عملياً إلى جانب طرف دون آخر، وانحيازك هذا تكشفه الصورة».

توثيق للأحداث
ولأن الصورة تأريخ وتوثيق بصري للحياة ومشاهدها، يلفت أراغون إلى أن على المصور أن يكون أميناً مع نفسه ومع الصور التي يلتقطها، باعتباره يحمل على عاتقه مسؤولية كشف الحقيقة وخفايا أحداث عاشها أشخاص في زمان ومكان ما للعالم أجمع، فيقول: «بوصفنا مصورين، نوثق أحياناً أحلك المواقف وأكثرها وحشية وقسوة، ينبغي ألا ننسى أبداً المسؤولية الأخلاقية، وطبيعة عملنا تفرض علينا أن نلتزم بالأمانة ونقل الحقيقية قدر الإمكان». ويضيف: «يقف المصور في أحيان كثيرة شاهداً على معاناة الناس والأعباء اليومية التي تثقل كاهلهم، ولكنه يبقى عاجزاً عن مساعدتهم، ولكن ما يمكنه فعله هو توثيق هذه الحالات بعدسة الكاميرا في محاولة لإيصال حكاياتهم إلى العالم، وقد تنجح تلك الصور بتغيير واقع معين أو لا، ولكن الأمل بذلك حتماً يدفعنا إلى مواصلة الرصد والتصوير».

خبرة واسعة
يمتلك «أراغون» خبرة واسعة في مجال التصوير الفوتوغرافي، حيث عمل لأكثر من 15 عاماً أستاذاً للتصوير الفوتوغرافي في العديد من الجامعات، كما ترأس تحرير مجلة «إكسبلورر» في نيكارجوا حيث يقيم، كما عمل مصوراً مستقلاً للعديد من وكالات الأنباء الدولية والعالمية، وهو يكتب في مجال التصوير وينظم ويدير أيام التصوير الفوتوغرافي، إلى جانب نشر تقارير خاصة عبر وسائل الإعلام الرقمية والمطبوعات الدولية المتخصصة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©