الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الذاكرة والانعطافات في القصيدة الدرويشية

الذاكرة والانعطافات في القصيدة الدرويشية
12 أكتوبر 2019 00:03

عبير زيتون (دبي)

ويبقى «أثر الشاعر لا يزول» طالما بقيت قصيدته الشعرية سفراً في تخوم المعنى، وكشفاً وراء الوجود، نابضة في الذاكرة الفردية والجمعية بخلود بياض حروفها، هذا ما أكدته الأوراق البحثية الأربع المشاركة مساء أمس الأول، في اختتام فعاليات اليوم الثاني من الملتقى الحواري بعنوان «درويش أثر الفراشة الذي لا يزول» الذي نظمته مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية على مدار يومين، بمشاركة أوراق نقدية وبحثية لعدد من النقاد والباحثين العرب، إحياء لذكرى الشاعر الراحل محمود درويش.
وتابعت جلسات اليوم الثاني من الملتقى، البحث في مكنونات القصيدة الدرويشية، من خلال التركيز على مفهوم «مفردة الأرض» مع الدكتور محمود شاهين، وملامح «تجليات الذّات الشعريّة» مع الناقدة الإماراتية الدكتورة مريم الهاشمي، فيما اختار الصحفي والشاعر عبدو وازن الحديث عن محطات بارزة في انعطافات القصيدة الدرويشية، بالتوازي مع سرد الكاتب الصحفي المصري سيد محمود لتجربة الشاعر في مصر وعلاقته بأجوائها الثقافية والسياسية، بإدارة كل من الشاعرة الإماراتية صالحة غابش في المحور الأول، والإعلامية الدكتورة بروين حبيب في الثاني.
ورأى الدكتور شاهين في ورقته بعنوان «على هذه الأرض ما يستحق الحياة أنشودة البقاء»، أن مفردة الأرض في شعر محمود درويش لا تعني المطلق، خاصة أن الشاعر لا يتحدث عن الأرض بقدر ما يتحدث إليها، من خلال مشاعر الصبي الذي وأد الزمن طفولته، دون أن ينال من هذه المشاعر التي لم تنفصل عن أرضها، أو تخرج صاحبها من التاريخ كذات فاعلة فيه على أرضها، مستعرضاً جدلية ترجمة معنى عبارة درويش المشهورة «على هذه الأرض ما يستحق الحياة» إلى اللغة الإنجليزية، مع اعتراض المتشددين الإسرائيليين على معانيها، خاصة أن الأرض عند درويش هي ملحمة من المعاني والتشرد، والاقتلاع، والتهجير والأنقاض.
بينما ذهبت الدكتورة الهاشمي في ورقتها النقدية، بعنوان «الذاتية في شعر محمود درويش» نحو حضور الذات عند درويش، والتي تنبع منها كل الذوات الأخرى، وهي تخاطب وتقارع واقعها، طامحة للتغيير أو باحثة عن مخرج لها من خلال ألفاظ، وأشطر، وإحالات، تلك الذات المبدعة التي استطاعت أن تضيف بصمة واضحة وثابتة في الشعر العربي الحديث، حسب وصفها.
وفي الجلسة الثانية، رصد عبده وازن من خلال ورقته «محطات في مسار محمود درويش الشعري»، المحطات الأساسية في رحلة قصيدة درويش بدءاً من مرحلة الثمانينات، كما تجلت في ثلاثة دواوين أساسية «هي أغنية، هي أغنية» و«ورد أقل» و«أحد عشر كوكباً»، وانصراف شاعرنا المضمر، وشبه المعلن، عن العلاقة الشعرية المباشرة بالقضية الفلسطينية، وصولاً إلى انعطافات التسعينيات، غداة صدور دواوين مهمة مثل «سرير الغريبة»، و«لا تعتذر عما فعلت»، و«جدارية» وتحرره من الإرث الوطني والقومي الذي ألقى على عاتقه صفة «شاعر القضية»، متوقفاً عند سمات الغنائية في قصائد درويش التي لا تنحصر في نزعتها الذاتية والتأملية الفريدة، وإنما تشمل اللغة كأداة وغاية.
وسرد الكاتب الصحفي سيد محمود في ورقته بعنوان «محمود درويش في مصر، السيرة شبه المجهولة وإرهاصات الروح الجديدة» تجربة محمود درويش في مصر، وعلاقته بأجوائها الثقافية والسياسية، مستعرضاً أسماء لشخصيات فكرية إعلامية معروفة، ساهمت في دخول الشاعر إلى عالم مصر الصحفي في سبعينيات القرن العشرين، وما أحدثه ذلك الحضور من تجاذبات سياسية، وثقافية بين مثقفي مصر وإعلاميها.
وفي ختام الملتقى، عُرض فيلم وثائقي عن محمود درويش من تأليف وإخراج السينمائية سيمون بيتون وإلياس صنبر، تضمن مقاربة شعرية لحياة الشاعر والإنسان محمود درويش بتسجيله ذاكرة مسارح، وندوات شعرية، وأماكن، شهدت إبداعات محمود درويش، مترافقة مع صوت الفنان مارسيل خليفة، خاصة قصيدة «ريتا»، بصفتها واحدة من المحمولات الرمزية للعلاقة بين الفلسطيني والإسرائيلي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©