الجمعة 17 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخدمة الذاتية في باحات المطاعم مقطوعة حتى إشعار آخر

الخدمة الذاتية في باحات المطاعم مقطوعة حتى إشعار آخر
5 أكتوبر 2010 21:28
«اخدم نفسك بنفسك» أو «help your self»، كما يسمونها باللغة الإنجليزية، عبارة أصبحت متداولة جداً في ما بيننا هذه الأيام، حيث نسمعها تتردد على ألسنة الصغار والكبار على حدّ سواء لتعلّم الاعتماد على النفس في أداء المهمات.. لكن يبدو أن تطبيق المعنى الحقيقي لهذه العبارة أمر يجهله الكثيرون، خاصة في واحات المطاعم الخاصة بالمراكز التجارية. هذا ما يكشفه التحقيق التالي عبر الوقوف على آراء من التقيناهم خلال جولة في المراكز التجارية. باتت ظاهرة «اخدم نفسك بنفسك» عامة، ولا تقتصر على باحات المطاعم الموجودة في الدولة فحسب وإنما تتعداها إلى باحات المطاعم في غالبية إن لم يكن جميع الدول العربية، حيث يفهم الكثيرون عبارة «help your self» عند طلب الوجبة، في حين يعجزون عن فهمها أو تنفيذها بعد الانتهاء من تناول طعامهم! مشهد متكرر يتشابه المشهد في غالبية باحات المطاعم، خاصة في أيام العطلات الرسمية والإجازات، إذ تجد كثيراً من الزبائن يجلسون على الطاولات يلتهمون الطعام، ثم يخلفون وراءهم طاولات مملوءة بالبقايا والصحون الفارغة والأكواب، دون أن يبذلوا أي مجهود في حملها ورميها في سلال المهملات، وذلك رغم توافرها بكثرة في واحة المطاعم، ما يجعل المنظر في كثير من الأحيان مسيئاً ومشّوهاً للمظهر العام في واحة المطاعم كلّها. على إحدى الطاولات تجلس عائلة كبيرة مكونة من 7 أفراد، تحلّقوا حولها، اعتمد كلّ منهم على نفسه وخدمها في طلب الوجبة من المطعم الذي يفضله، لكنهم لم يعتمدوا على أنفسهم بعد الانتهاء من الوجبة، فتركوها مخلّفين وراءهم طاولة مملوءة بالفوضى والأوساخ والأطباق الفارغة وغيرها، دون أن يكلف أحدهم نفسه عناء حملها ورميها في المكان المخصص لذلك. يستغرب ربّ الأسرة -فضل عدم الكشف عن اسمه- لدى سؤاله عن سبب عدم رمي بقايا الطعام في سلة المهملات، مجيباً بأن ثمة موظفين يعملون في المركز التجاري تتمثل وظيفتهم في تنظيف المكان ورمي المهملات في مكانها، وهم يتقاضون أجراً على ذلك، فضلاً عن «الإكراميات» التي يأخذونها من الناس مقابل هذا العمل. تفعيل الشعار وتعزو آمنة المنصوري- ربّة منزل، عدم تطبيق أو تنفيذ مبادئ الخدمة الذاتية في واحات المطاعم، إلى عدم نضج هذا المفهوم لدى الغالبية العظمى من الناس، لا سيما العرب، ووصوله إلى الكمال، ولذلك تجد أنهم يطبقونه عندما يخدم مصلحتهم، أي عند طلب الطعام، فهم على استعداد لبذل مجهود كبير والوقوف أمام طابور طويل، إذا كان هناك زحام وإقبال على ذلك المطعم، لكنهم بالمقابل عاجزون عن تطبيق البقية الباقية من مبدأ الخدمة الذاتية أو شعار «اخدم نفسك بنفسك»، لذلك تراهم يقومون عن الطاولات ليتركوا أماكنهم مملوءة بالفوضى والأوساخ، دون أن يشعر أحد منهم بتأنيب الضمير أو بأنه ارتكب خطأً. من جهتها، تقترح سهى الرشدان، موظفة وأم لأربعة أطفال عدم تعيين عمال نظافة في واحات المطاعم، خلال ساعات النهار وذروة العمل، وذلك لإلزام الناس بالعمل بمبدأ وشعار «اخدم نفسك بنفسك» وتفعيل الخدمة الذاتية في واحات المطاعم، والذي يجب أن يساهم فيه الصغار والكبار على حدّ سواء، ذلك لأنه يعلّم الاعتماد على النفس ويربي في الأطفال، على وجه الخصوص، حسّ الانتماء للمكان والوطن وحسّ المسؤولية في الوقت ذاته. مفهوم خاطئ بدوره، يقارن محمد كساب- موظف حكومي، بين واحات المطاعم في الدول العربية وبين مثيلاتها في الدول الغربية أو المتقدمة، وعلى سبيل المثال، دولة مثل اليابان، حيث يتولى كلّ زبون مسؤولية تنظيف الطاولة في واحة المطاعم أو المطاعم المفتوحة بعد استعمالها، ورمي المخلفات كلّ منها في مكانه الصحيح قبل مغادرة واحة المطاعم، لتجدّ أنه سلوك ممنهج يمارسه الجميع وكأنه عادة روتينية مرتبطة بتناول الطعام، في حين أن هذا السلوك نفسه، أي رمي مخلفات الطعام بعد تناوله، يعتبر في الدول العربية عادة غريبة أو قليلة الوجود، حيث يعتبر الذي يمارسها وكأنه شاذّ عن الآخرين، في حين أن الأغلبية تترك مناضدها مملوءة بمخلفات الطعام والأوساخ، لتترك هذه المهمة لعمال النظافة. إلى ذلك، يشير أنيل كوسار- عامل نظافة في إحدى واحات المطاعم بالدولة، إلى وجود الكثير من اللافتات التي تدعو روّاد المطاعم المفتوحة في المراكز التجارية إلى احترام نظافة المكان، ورمي مخلفات الطعام بعد تناوله في المكان المناسب، غير أن أعداد الأشخاص الذين يفعلون ذلك قليلة جداً، لافتاً إلى أن وظيفته الأصلية تتمثل في تنظيف الأرضيات والطاولات وحسب وليس إزالة المأكولات عن الطاولات؛ لأن ذلك من مهمة الناس أنفسهم، فهذه الواحات مفتوحة للجميع ويتناوب في الجلوس على الطاولات عدد كبير من الناس طيلة النهار، لذلك فمن أبسط البدهيات أن يأخذوا مخلفاتهم معهم ويضعوها في مكانها بعد الانتهاء من تناول طعامهم. يضيف كوسار: «يبدو أن كثيراً من الناس لا يجيدون فهم شعار اخدم نفسك بنفسك على وجهه الصحيح، ما يكبدنا نحن، عاملي النظافة، بمزيد من الأعمال التي ليست من صميم عملنا أو تخصصنا». إضاءة ينسب الدكتور محمد ربيع، اختصاصي نفسي، أسباب عدم تفعيل وتطبيق شعار «اخدم نفسك بنفسك» لأسباب تتعلق بالتربية والتنشئة، إذ لم تتعود غالبية الشعوب العربية على ممارسة السلوكيات التي تعبر عن الفهم العميق لمعنى الحس أو المسؤولية الوطنية، وهي سلوكيات يجب أن تعمل جميع المؤسسات على خلقها وتنميتها لدى الأفراد، وذلك بدءاً من المنزل والمدرسة والعمل وغيره. يتابع بقوله: «إن مسؤولية نظافة المنزل والشارع والحديقة والمركز التجاري، هي مسؤوليات جماعية يجب أن يتحمّلها جميع الأفراد وليس عامل النظافة أو الخادم وحده، ويجب أن يتشارك فيها الجميع؛ لأن الجميع يستخدمها ويستفيد منها؛ ولأن جمال وحسن مظهرها أو حالتها تعكس مدى التحضّر والتمدن وعمق المسؤولية الوطنية لدى الأفراد، وهذا الأمر يتم اكتسابه بالتدريج، ويمكن أن يتغيّر إلى الأفضل مع تعديل المفاهيم». وينصح الدكتور ربيع بعمل حملات وطنية تساهم فيها جميع المؤسسات والإعلام المرئي والمسموع والمقروء من أجل تغيير المفاهيم الخاطئة السائدة حالياً، ومن بينها تفعيل مبادئ شعار «اخدم نفسك بنفسك» ليتحول إلى حقيقة واقعة في بلداننا العربية، بدل الاعتماد على عمال النظافة وأغلبها عمالة وافدة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©