الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ضعف القطاع الهندسي يهدد نمو الاقتصاد الهندي

ضعف القطاع الهندسي يهدد نمو الاقتصاد الهندي
31 أكتوبر 2010 21:28
أثبتت ألعاب الكومنولث التي أُقيمت مؤخراً في الهند وبما لا يدع مجالاً للشك أن قوة الهند لا تكمن في قطاعي الهندسة والإنشاءات. وبغض النظر عن التقدم التقني الذي تحظى به هذه البلاد وأفضل العقول الهندسية في العالم، إلا أن الطرق والسكك الحديدية المنهارة والجسور الآيلة للسقوط وشبكة الكهرباء الضعيفة، تكبل إمكانات الهند الاقتصادية. ولا يعزى هذا القصور إلى نقص في الأموال، علماً بأن الهند تخطط لإنفاق 500 مليار دولار على البنى التحتية بحلول عام 2012، وضعف هذا المبلغ في السنوات الخمس التي تليه. وتكمن المشكلة الحقيقية في ندرة المهندسين، أو على الأقل المهندسين المدنيين من ذوي الخبرة والكفاءة اللتين تضمنان إنجاز هذه المشاريع في وقتها المحدد وبالمواصفات المطلوبة. وكانت الهندسة المدنية من وظائف النخبة في الهند ليس في حقبة الاستعمار البريطاني التي اتسمت بإنشاء الطرق والسكك الحديدية فحسب، بل وبعد نيل الهند استقلالها بوقت طويل كجزء من الخدمة المدنية. أما اليوم، فأصبحت أفضل المعرفة التي تدر المال الوفير في كتابة البرامج للشركات الأجنبية وليس في تشييد الطرق والجسور من أجل تطور البلاد وتقدمها. ويمارس الآن مهندسون مدنيون كتابة مثل هذه البرامج بدلاً من ممارسة مهنتهم الحقيقية. ويقضي فيشال مانفيكار المهندس المدني الذي يعمل في كتابة البرامج ساعة كاملة ليقطع المسافة بين مكتبه ومنزله التي يبلغ طولها تسعة كيلومترات فقط. ويزيد الأمر سوءاً في فصل الأمطار عندما تمتلئ الحفر على الطرقات بالمياه التي لا سبيل لتفاديها غير الوقوع فيها. ويبقى إصلاح هذه الطرق مشكلة هندسية أخرى. ويتقاضى فيشال أكثر من ثلاثة أضعاف ما يتقاضاه في القطاع الهندسي عندما كان يعمل لإحدى الشركات التجارية. ويشكل تفضيل الشباب الهنود للبرمجيات على العمل في الهندسة المدنية بما تتطلبه من عمل في الحديد والخرسانة، معضلة كبيرة للاقتصاد الهندي. وأصبح قطاع تقنية المعلومات بأجوره الكبيرة جاذباً لعشرات الآلاف من الوظائف التي يوفرها سنوياً مقارنة بالقطاعات الأخرى. ويمثل هذا الإغراء استمرارية نزوح الأشخاص المؤهلين لبناء البنى التحتية التي تحتاجها البلاد بشدة لتحسين الأحوال المعيشية لبقية أفراد الشعب الذين سيبلغ تعدادهم مليار شخص، ولإنعاش بقية الصناعات التي تتطلب طرق معبدة وسكك حديدية مهيأة أكثر من حاجتها لشبكات إنترنت سريعة تربطها بدول الغرب. وبلغت السعة الاستيعابية لبرامج الهندسة المدنية في عام 1990، نحو 13,500 طالب، في الوقت الذي لم تتعد فيه سعة تخصصات تقنية المعلومات 12,100. وبحلول عام 2007 الذي شهد انتعاش التعهيد في قطاع تقنية المعلومات في الهند، ارتفعت سعة القطاع إلى 193,500، وكذلك القطاع الهندسي، لكنها لم تتجاوز سوى 22,700 طالب. والغريب أن معظم المقبولين في القسم الهندسي هم من الذين لم يستطيعوا اجتياز اختبار تقنية المعلومات، حيث المنافسة الكبيرة. وبالرغم من أن نقص المهندسين المدنيين من الأسباب التي ساهمت في معاناة الهند لإرساء قواعد بنية تحتية قوية وراسخة، إلا أن هناك أسباباً أخرى تتضمن سوء التخطيط والتدخل السياسي والفساد. وقدر البنك الدولي أن الهند في حاجة لزيادة معدل تدريب المهندسين المدنيين ثلاثة أضعاف المعدل الحالي حتى تستطيع تلبية حاجتها من البنى التحتية. ويقول إتول باهوب المدير الإداري لشركة “باهوب وشركاه” للهندسة والتصميم “بدأت الحكومة في تنفيذ برنامج مكثف للبنى التحتية، لكن دون مراجعة ما تملكه من موارد بشرية. وهي مستعدة لإنفاق مليار دولار لتنفيذ ذلك المشروع، لكنها لا تملك الوسائل المناسبة لإنفاق مثل هذا المبلغ الكبير”. ولا تقتصر خطورة نقص المهندسين على تأخير تنفيذ الإنشاءات، لكن تتعداها إلى أبعد من ذلك. وسقط في العام الماضي مثلاً أحد جسور مترو دلهي المعلقة مما أسفر عن مقتل ستة وجرح العشرات من العاملين. ويعزي التقرير الحكومي أسباب ذلك لأخطاء في التصميم. وبإدراك الحكومة خطورة هذا النقص، قامت بإنشاء 30 جامعة وطنية، بالإضافة للسماح للمؤسسات الأجنبية بفتح فروع لجامعاتها في الهند. وفي الوقت الذي تدير فيه الحكومة أو تمول أفضل الجامعات في الهند مثل معاهد التكنولوجيا، تقوم المؤسسات التعليمية الخاصة المنتشرة الآن بتدريب عدد كبير من الطلاب. ويدرس ثلاثة أرباع طلاب الهندسة حالياً في جامعات خاصة. ويعتبر تدني الأجور الأولية من الأسباب الرئيسة التي تقف وراء جذب طلاب الهندسة الذين كان تخصصهم جاذباً حتى تسعينات القرن الماضي. ويذكر أن طلاب الهندسة يحتاجون إلى خمس سنوات من الخبرة لتتساوى أجورهم مع أجور الخريجين الجدد من تقنية المعلومات. وفي القطاع الخاص، لا ترغب الشركات في دفع الأموال والاستثمار في المهندسين الصغار اعتقاداً منها في أن الخريجين الجدد لا يساهمون بالقدر الكافي في در الأرباح وأنهم سيغادرون لوظيفة أخرى لا محالة. ويمكن القول إن الأجور تحسنت بعض الشيء في وجود النهضة العمرانية في السنوات الأخيرة مقارنة بالسنوات الخمس الماضية. وتقدم شركة “لارسين آند توبرو” الهندسية منحة دراسية لطلاب الهندسة لمواصلة دراستهم لنيل درجة الماجستير تحت برنامج يحمل اسم “منحة بناء الهند”. وتستوعب الشركة من 50 إلى 60 خريجاً كل سنة. ويقول كي بي رجهافان المدير التنفيذي للشركة: “لا يمكن اليوم الحصول على مهندسين مميزين، حيث تأتي التخصصات الهندسية الأخرى في أولويات خيارات الطلاب. ونعوض عن ذلك بتكثيف التدريب”. نقلاً عن: “إيكونومي واتش” ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©