الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

الملاعب الترابية.. «انتحار» مصانع النجومية !

الملاعب الترابية.. «انتحار» مصانع النجومية !
9 ديسمبر 2019 00:12

دبي (الاتحاد)

دوري الفرجان ولعب الحواري في شوارعنا العربية، ظاهرة قديمة، لم يبق منها سوى الذكريات والحكايات، التي تصلح أن تكون مشروع قصص للأطفال الصغار؛ لأنها بها الكثير من المواقف المثيرة والتي تكشف كم ضحى نجوم الفرجان والحواري، من أجل تحقيق أهدافهم، وكيف تحول لاعب «الفريج» إلى لاعب «مونديالي»، وهذا «الصغير» الذي يشبه «الحاوي» في تحركاته، وهو يلعب في الحارة يتحول إلى نجم في الدوريات الأوروبية، ومدى الفارق بين هذا الطفل الصغير الذي حمل بين جنباته حلماً في الأفق، وواصل إصراره حتى وصل إلى هدفه، وبين نجوم صنعتها الأكاديميات لا تملك الطموح ولا الهدف، ولم تستمر طويلاً في ملاعبنا.
نجوم الحواري والفرجان، يجلسون الآن في أعلى المدرجات يتابعون المباريات، وهم يتحسرون على زمن فات، فكلما اقتربت من أحدهم لتقلب معه في دفتر الذكريات، لا يتوقف عن الحدث، فهذا عبدالله سلطان لاعب منتخب الإمارات السابق الذي كان يلعب «حافي القدمين»، والكويتي محمد كرم الذي انتقل من الفريج للعب في كأس العالم، وسالم بوشنين لاعب النصر، أول محترف إماراتي في صفوف المريخ السوداني، ومصطفى النقر الذي خرج من «حواري الهاشماب» للاحتراف في النصر السعودي، وحكايات أخرى طويلة.
ويكشف عبدالله سلطان لاعب منتخبنا الوطني وخورفكان السابق مسيرته مع الحواري والفرجان، من الكويت إلى الإمارات، ويقول: «نشأت في فرجان الكويت في عمر السابعة بحي السالمية حتى سن العاشرة، متجولاً بين فرجان السالمية مع فرقها ولاعبيها، وكانت من أجمل أيام عمري في فترة الفرجان التأسيسية، وعندما انتهى عقد عمل الوالد عدنا إلى خورفكان في منتصف الستينيات، وبعد العودة والحنين للكرة، شكلنا فرقاً للتدريبات في منطقة قريبة تحت الجبل، وكنا نلعب بصفة يومية، عقب العودة من المدرسة، حتى موعد صلاة المغرب، وكنت ألعب حافي القدمين».
وأضاف: «كانت الأرض غير معبدة، وكلها أشواك وحصى، ولكن عشق الكرة جعلنا نتحمل كل شيء، من أجل اللعب مع الأصدقاء الذين تربطنا بهم علاقة جوار وزمالة في المدرسة، وكنا نقضي معظم الوقت في لعب الكرة، ومن أبرز اللاعبين في الفريج عبدالله عامر، ومحمد كليب، وأحمد الملا، وللفريج الأثر الكبير في مسيرتي لاعباً، مما جعلني أعرف المهارة والتحكم بالكرة والتمرير وغيرها من أساسيات».
وقال: دخلت نادي خورفكان عام 1970، ولعبت من فرق الناشئين حتى الشباب، وصعدت إلى الفريق الأول وعمري وقتها 16 عاماً، وفي عام 1978 دخلت المنتخب مع المدرب دون ريفي، وعمري صغير، وكان في تجمع المنتخب لاعبون كبار، ولهم مكانتهم الكروية، مثل جاسم محمد لاعب الشارقة، ويوسف محمد، وسالم بوشنين، ومحمد سالم، وأحمد الملا، وحسن صالح، وكنت أمني النفس أن ألعب بجوار جاسم محمد، وكنت أقلده في اللعب.
وأكد سلطان أن السبب الرئيسي في انتشار المواهب في المناطق يعود إلى الفريج، وقال: «إذا توافرت المقومات الأساسية ستجد هناك طوابير من المواهب التي تبحث عمن يكتشفها ويقدمها للأندية، وإذا أردنا أن نطور كرتنا، لن تكون عن طريق الموهبة المصطنعة».
وانتقلنا بالحديث إلى الكويتي المونديالي محمد كرم الذي لم يلعب في أي مراحل سنية بنادي العربي، مكتفياً باللعب في الفرجان «السكة» مع أصدقائه وأقرانه بهدف الهواية، واستمر على هذا المنوال لفترات طويلة للغاية، ووجد كل المتعة والتطور والنمو، خلال تلك الفترة الزمنية، حيث كان اللاعب يعمل على تطوير نفسه والتعلم بشكل مستمر من أخطائه والتجارب التي يمر بها.
وقال: «لعبت حتى سن 17 عاماً في دوري الفرجان، وشاهدني بعض الكشافين الذين اصطحبوني مباشرة إلى نادي العربي، ولعبت في الفريق الأول بعدها بعام واحد فقط، ثم ذهبت مع منتخب الكويت إلى كأس العالم 1982، ما يعني أنه من دوري الفرجان إلى كأس العالم».
وأضاف: «اللعب في الفرجان ينمي الجانب المهاري بدرجة كبيرة للغاية، ومليء بالكثير من الجوانب الإيجابية، مثل الروح القتالية العالية، وكان من المحزن للغاية أن يخسر فريق أمام حي آخر، وهو ما زرع الكثير من الانتماء للفريق والمجموعة، وانعكس ذلك إيجاباً على اللاعب، وبات يتمتع بالروح القتالية العالية».
وأضاف: «اللاعب رغم صغر سنه، إلا أنه يتحمل كل الصعوبات، من أجل ممارسة الكرة، مثل الطقس وسوء الملاعب، وأحياناً رفض أولياء الأمور، وهو ما يترجم حب الكرة».

«عجورة» الأفضل في الستينيات و«دستة» ملك «الترقيص»
كرة القدم في مصر.. أكسير الحياة، بل المتنفس الحقيقي للهموم والأوجاع والظروف الصعبة التي تمر بها الأجيال، هي «الكرة الشراب» و«الكرة الكلة» و«الكرة الكَفر»، حكايات الكرة في حواري مصر لا حصر لها، أبرزها حكايات «الحاوي» و«الحريف»، وهي أسماء تطلق على أصحاب المواهب الفذة في «الساحرة المستديرة».
«الكرة الشراب».. «شرابين وقطع قطن وإسفنج وقش الأرز»، وتتحول هذه القطع إلى كرة يركض خلفها الأطفال والكبار في الحواري، بينما حراسة المرمى من «قوالب الطوب»، وملابس الأطفال تحدد بداية ونهاية الملعب، هنا بداية الطريق الطويل ومشوار الألف ميل.
عشاق الكرة الشراب نجوم لمعوا في الزمن القديم، أمتعونا بفنهم بالمراوغة والترقيص والأهداف الساحرة، ولعل من أشهر المناطق لبطولات الكرة الشراب في شبرا وروض الفرج، وبولاق أبو العلا، وإمبابة، وعين شمس، وأشهر اللاعبين الذين خرجوا من هذه البطولات، محمود الخطيب أسطورة الأهلي ورئيسه الحالي، لعب الكرة الشراب في عين شمس، حيث نشأ، وهي من الأسباب التي أدت إلى تكوين مهارة بيبو، وأيضاً حسن شحاتة الذي لعب الكرة الشراب في كفر الدوار، في طفولته، والراحل حسن الشاذلي، ومحمود أبو رجيلة، وعيد عبد الملك.
ومع اختفاء الكرة الشراب، وجدنا ندرة في عدد اللاعبين الموهوبين «الحريفة» في مصر، بعدما تحول الأطفال إلى لعب الكرة في الأندية التي يشتركون بها، وأيضاً ظهور الملاعب الخماسية للإيجار بالساعة، وبذلك نجد أن اللعب في الشوارع اختفى تماماً، على الرغم من أنه كان يتسبب في إزعاج للسكان المحيطين بالشارع، ولكنه كان ممتعاً وله بريقه الخاص. كان الشهير سيد قناوي الشهير بـ «عجورة» من حي القبة بالقاهرة، من أشهر لاعبي الكرة الشراب في الستينيات، و«دستة أوجا» مصري من الحبشة، ولن تنسى جماهير الكرة حمادة عبد اللطيف نجم الزمالك السابق أول من لقب بـ «الحاوي»، لكثرة مهاراته ومراوغته بالكرة، وهي تحت قدميه دون جري أو حركة، ورضا عبد العال لاعب الزمالك والأهلي السابق، والذي أطلق عليه «الأسطى رضا»، ووليد صلاح الدين وأحمد فاروق وحازم إمام ومحمود عبدالحكيم وقائمة طويلة من النجوم الذين خرجوا من الشوارع وتركوا بصمة لدى الجمهور.

خالد إسماعيل.. «موهبة الشندغة» في مونديال إيطاليا
استعاد خالد إسماعيل لاعب النصر ومنتخبنا الوطني ذكريات الفريج، وقال: «بدأت في منطقة الشندغة وعمري 9 سنوات، وهذه المنطقة تشتهر بملاعبها الرملية، وتحولنا إلى منطقة الشعبية جميرا، وبها ما يقارب 15 ملعباً، وكنا نلعب الكرة في الدورات الرمضانية، ولعبتي المفضلة كرة الطائرة، ووقتها في الحارة كان أحمد بوعميرة لاعب الوصل والمنتخب في الطائرة الذي شجعني ونقلني للعب كرة الطائرة بالوصل لمدة 5 أشهر، ولكن أخوتي الذين كانوا يلعبون في النصر وأقنعوني باللعب معهم». أضاف: «لعبت للنصر في مكانه القديم عند ميناء راشد، ومن أبرز لاعبيه عبدالله خليفة المري، وسالم ربيع، وصالح سالم، ومبارك مال الله، ولعبت للفريق الأول وعمري 16 عاماً، وكان اتحاد الكرة لا يسمح للناشئين باللعب في الفريق الأول، وتم تسجيلي بكشوفات الاتحاد في عمر 18، من أجل اللعب مع الفريق، وأول مباراة كانت مع الشارقة، وسجلت فيها هدفاً في مرمى يحيى عبدالكريم حارس (الملك) وقتها، بدوري عام 1983، وبعدها لعبت للمنتخب، وصعدنا إلى كأس العالم 1990، وكثيراً ما أجلس بيني وبين نفسي لأتذكر أيام الفريج كيف كانت، خاصة لو التقيت مع أحد من أصدقاء (الزمن الجميل)».

بوشنين: البداية «كرة بلاستيك» !
يسترجع سالم بوشنين لاعب النصر السابق ذكريات أيام الأوائل، في الستينيات والسبعينيات، ولعب الكرة على ملاعب الفرجان الرملية، وقال: «أسست نادي الهلال البحري في منطقة الشندغة بدبي، بمشاركة 20 طفلاً تتراوح أعمارهم ما بين 9 إلى 13 عاماً، من «عيال الشندغة»، وكنا نتدرب على الشاطئ، والكرة التي نلعب بها مصنوعة من الجلد والبلاستيك خفيفة الوزن، وانتقلت بعدها إلى النصر، وعمري 17 عاماً، وأول مباراة لعبتها مع الوحدة أحد فرق ديرة على كأس المرحوم خادم بوعميم».
وقال: «كنت أدرس في مدرسة الأحمدية في ديرة، وكل يوم نعبر إلى بر دبي، وبعد انتهاء موعد المدرسة نأخذ العبرة للشندغة، ونترك الحقائب الدراسية، ونتجمع للعب الكرة حتى المغرب، ولم نكن نلبس أي أحذية، فقط كنا وقتها نرتدي (أنكل) وهو لحماية القدم، ونلعب على رمل البحر، وهناك تحدٍ يومي مع عيال ديرة، خاصة عيال عبدالرحمن الحساوي وناصر بن حمد».
وكشف بوشنين عن احترافه في السودان، وقال: «كنت في دورة عسكرية بالسودان، وتعرفت على ضباط ينتمون لنادي المريخ السوداني، ودخلت معهم في التدريبات، واقتنع مسؤولو النادي بفكرة أن العب معهم محترفاً، ووقعت عقداً لمدة 3 أشهر، وانتشر الخبر في دبي، وطلب عبدالرحمن تهلك العودة إلى النصر الذي وفر عقد احتراف براتب 5 آلاف درهم لمدة 3 أشهر، ووظيفة بإحدى الجهات الحكومية».

«حواري الديم» وحكايات «الجلد المدور» في الخرطوم
عندما ننظر إلى الأحياء العريقة في مختلف مدن السودان نجد أن ملاعب الحواري فيها نمط حياة، وعدد هذه الملاعب لا يحصى، خاصة أنه لا يكاد يخلو حي أو حارة سودانية من ملعب أو اثنين، لكن هناك ملاعب تعد هي الأشهر، بعد أن باتت معروفة لكل أهل السودان، بفضل تاريخها الممتد في تقديم الأفذاذ من المواهب للكرة السودانية، ولعل الملاعب الأبرز في هذا الاتجاه، هي الملاعب القريبة من استاد الخرطوم، والمعروف بشيخ الاستادات، انسجاماً مع استضافته أول نسخة من كأس الأمم الأفريقية عام 1957.
وعلى بعد أقل من 5 كيلومترات، من هذا الملعب العتيق، تقع ملاعب الحواري بضاحية الديم في العاصمة الخرطوم والتي تخرج فيها لاعبون كبار على غرار اللاعب طارق أحمد آدم الذي كان قائداً لفريق الهلال، حين وصل إلى نهائي دوري أبطال أفريقيا في مناسبتين عامي 1987 و1992، وفي كلتيهما خسر «الأزرق» اللقب القاري أمام الأهلي المصري والوداد البيضاوي المغربي على التوالي.
وبالعودة إلى ملاعب الحواري بالديم، فإنها عبارة عن مساحة خالية، كانت توجد فيها الجمال والدواب التي تحمل الحطب لسكان المنطقة، تطورت عام 1956 وأصبحت ميداناً للرابطة الأهلية، ثم أصبحت ميداناً للناشئين عام 1959 بقيادة محمد كرار، وكانت شرياناً يغذي كل فرق العاصمة، والمنتخب الوطني باللاعبين، وهذا التاريخ الطويل للساحة أغرى الحكومة السودانية لتشييدها عام 2017، حيث تحولت من ملاعب حواري إلى مدينة رياضية، شملت منشط سباحة وصالة رياضية ومركزاً للطفل لممارسة النشاطات العامة، بجانب التنس والبلياردو بقصد توفير أماكن تلبي رغبات الشباب الثقافية والرياضية، وفيما تغيرت ملامح حواري الديوم الشرقية، تحتفظ المئات من ملاعب الحواري الأخرى في العاصمة بتفاصيلها الصغيرة، ويتصدر المشهد كرة «الجلد المدور» التي يركلها الأطفال في الملاعب الترابية، وانطلقوا منها النجومية.
ولأن صناعة كرة القدم أمر مكلف يحتاج إلى بذل الكثير من الجهد والمال، فإن دولة على غرار السودان تبقى تحتفظ بتقاليدها في صناعة اللاعبين، والحواري والأحياء هي البداية العادية لكل لاعب، والحواري التي خرجت أسماء بقيمة نصر الدين عباس جكسا وأمين زكي وعزالدين الدحيش، وغيرهم من أبطال أمم أفريقيا عام 1970، هي الحواري عينها التي تخرج فيها الجيل الحالي من اللاعبين.
ويتعين على كل لاعب يطمح في تحقيق مشوار كبير على صعيد كرة القدم، أن يبرهن على حقيقة موهبته في الميادين الترابية، وتحت أنظار الكشافين والمدربين الذين يجيدون تمييز اللاعبين الصغار بنظرة فنية ثاقبة تقود هؤلاء الأطفال للالتحاق بالأندية، حيث أضواء الاستادات الكبرى وزخم الإعلام وحشود الأنصار.

الساحات.. «ملاعب إيجار»
أكد مصطفى النقر الذي يعد ضمن الأساطير في كرة القدم السودانية، أن الفضل في مسيرته الناجحة لاعباً محترفاً يرجع للحواري التي بدأ معها حبه للكرة، وقال: «عندما كنت طالباً في المرحلة الابتدائية في مدرسة المؤتمر وعمري 8 سنوات، كنت أصادف في طريق عودتي إلى المنزل الأطفال في (حواري الهاشماب) يستمتعون بلعب كرة القدم، وهذه الفترة علمتني المهارات الأساسية للكرة، من تسلم وتمرير ومراوغة وتهديف، وغيرها من الأشياء التي لم أكتشفها مع المدربين».
أضاف: «لعبت لأشهر معدودة في فريق (الهاشماب) بروابط الناشئين، ومنه التحقت بالهلال، خلال الفترة من منتصف السبعينيات، وحتى أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، ولا أنسى القرار الشهير للرئيس السوداني جعفر نميري وقتها، بالسماح باحتراف مجموعة من اللاعبين في الدوريات الخليجية في الأندية السعودية والإمارات وعُمان وغيرها».
وقال: «تراجعت المساحات المخصصة لملاعب الحواري في السودان يوماً بعد الآخر بسبب المخططات السكنية، حيث يجيد بعض المنتفعين تحويل هذه الميادين الصغيرة إلى عمارات شاهقة، لتختفي المساحات التي كانت متنفساً رئيسياً للصبية الذين يبرهنون عن حقيقة موهبتهم فوق تراب ملاعب الأحياء».
وكشف عن أن الملاعب والساحات والميادين في الأحياء السكنية تمت ترقيتها وتحولت إلى ملاعب للإيجار، وتفاوت القيمة من ملعب لآخر، وقال: «المتوسط العام للإيجار هو مبلغ مائة جنيه للساعة، والغالبية العظمى تؤجر لمدة ساعة ونصف الساعة، وهو الزمن المتعارف عليه للمباراة، وتحولت ملاعب الحواري إلى مجرد ذكريات وتاريخ يحدثنا عن أساطير في كرة القدم».

عوض: الحراسة بـ «نصيحة نعوم»
قال سالم عوض حارس المنتخب اليمني: «دوري الحواري في بعض مدن ومحافظات اليمن لم يعد موجوداً، واختفى الكشاف الحقيقي لمواهب الحواري، وكشاف الأندية الفعلي ضعيف، ودائماً ما نتذكر بداياتنا في الملاعب، فقد بدأت مع حارة سواحل في حراسة المرمى واستفدت من مدربي الحارة، أمثال سالم نصيب وناصر مربش، وتحولت من حارس الاتحاد السواحلي إلى الوصل تحت قيادة عيدروس نسير، وتألقي وراء انتقالي إلى خنفر وظهرت بمستوى جيد في المراحل السنية حتى وصلت إلى الفريق الأول». وأضاف: «استجبت لنصيحة سعيد نعوم مدرب حسان أبين، بالانتقال إلى ناديه، وهو قريب من موقع سكني في مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين، ومن هنا برزت على الساحة الرياضية، ووقع علي الاختيار للمنتخبات منذ عام 2002، وإلى اليوم أحمي عرين المنتخب رغم وصولي إلى 35 عاماً».

أسماء لامعة من «شوارع الكويت»
قدم دوري «الفرجان» للكرة الكويتية العديد من الأسماء اللامعة التي لعبت دوراً كبيراً في إثرائها وتطورها، حيث كان مسرحاً أو معملاً لصناعة المواهب الطبيعية من دون تدخل مدربين أو أندية، ولفت دوري الفرجان الأنظار قديماً، وأصبحت له جماهيرية عالية في الأوساط الكروية الكويتية، لما يحتويه من إثارة وندية ودرجة عالية من التنافسية، وهو ما عزز من أهمية هذا الدوري حينها.
مرت الأيام وتخرجت المواهب، الواحد تلو الآخر من الفرجان إلى الأندية، ثم المنتخبات حتى باتت مباريات الفرجان مثل الشرايين في جسم الكرة الكويتية التي تمده بدماء الحياة.
استفادت الكرة الكويتية من النجوم الذين لعبوا في دوري الفرجان، مثل جاسم يعقوب والعنبري ومحمد إبراهيم وفهد العنزي وآخرين تألقوا في الملاعب الرملية وانتقلوا للأندية، ثم إلى المنتخبات، وشارك بعضهم في المونديال والعديد من البطولات القارية، بعدها تغيرت المسميات، واختفى دوري الفرجان في ظروف غامضة، وغابت المتعة والإثارة والمواهب.

60 فريقاً في «الشعبية اليمنية»
الفرق الشعبية في اليمن، كانت الطريق الممهد لخروج المواهب، وإن كانت «الساحرة المستديرة» لم تنقطع من الحواري في بعض المناطق، خاصة إقليم حضرموت، وتحظى دوريات الفرق الشعبية في الحواري بحضور جماهيري كبير، وإن كان الأمر اختلف عن الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، حيث باتت دوريات الفرق الشعبية تحتضنها الأندية في حضرموت، وتقوم برعايتها ودعمها من أجل حجز هذه المجموعة من اللاعبين والاستفادة من المواهب التي تظهر خلال المباريات، والمهرجانات.
ويظهر في سباق البحث عن المواهب أندية الشعب والتضامن والسلام، بسيطرتها الأكثر على فرق الحواري، حيث تشرف الأندية على قرابة 60 فريقاً شعبياً، وهناك أكثر من 45 نادياً تضم الدرجات الثلاث في حضرموت، تقع تحت إشرافها العديد من فرق الحواري.
ويبقى التوسع العمراني يهدد فرق الحواري، بعدما زحف العمران والكتل الإسمنتية على الأماكن التي حولها الصغار إلى ملاعب بأقل الإمكانيات، وهو ما حدث بالفعل في صنعاء وعدن اللتين انقرضت ملاعبهما الترابية بعدما قدمت الكثير من النجوم للمنتخب والأندية على مدار سنوات طويلة، منهم أبوبكر الماس الذي اختير لاعب القرن في اليمن، وغيره الكثير، ومن جيل مطلع الألفية، هناك النجم الكبير علي النونو وزميله حارس المنتخب اليمني المعروف سالم عوض.
وأثر غياب فرق الحواري ودورياتها بالسلب على اكتشاف المواهب والتي كانت تمثل الرافد الأكبر للأندية والمنتخبات.

600 فريق في عُمان
تضم سلطنة عُمان عدداً كبيراً من الملاعب الرملية، تحافظ الحكومة والأهالي على خصوصيتها وشعبيتها، نظراً لأهميتها للحفاظ على الناشئين، وهناك دوريات مستمرة تقام على الملاعب الرملية، وتحظى بإقبال وتشجيع كبير، والتنافس يتواصل صداه في أرجاء كل ولايات السلطنة، وفي كل ولاية هناك فرق أهلية وفرق المناطق السكنية، ويتعاون أهل المنطقة، ويشكلون مجلس إدارة، ويجمعون الأموال ويبنون ملعباً، ومدرجات صغيرة، وغرفة صغيرة لتبديل الملابس، وفي كل ولاية هناك دوري داخلي على شكل تصفيات، ويتأهل الأوائل إلى البطولة الأكبر، وأفضل المواهب تتجه إلى الأندية في كل ولاية.
ويشارك في البطولة ما يزيد على 600 فريق في كل ولايات عُمان، وتخصص الحكومة أراضي رملية معبدة لممارسة ولعب الكرة في الأحياء السكنية، وفي معظم الولايات العُمانية ينتشر لعب الفرجان وفي كل الأحياء، وهناك إقبال كبير من الراغبين ومحبي الكرة يشاركون في دوريات الفرجان، وهناك مجالس متخصصة في كل ولاية لتشجيع الأطفال والشباب والناشئين على ممارسة الكرة.
وتقوم المجالس المحلية بجمع المبالغ المالية من الأهالي لبناء الملاعب ومدرجات صغيرة وغرف لتبديل الملابس، إلى جانب تخصيص مبالغ لتقديم الهدايا للفرق الفائزة، وكذلك زرع العشب في بعض الملاعب، وهذه كلها مبادرات من الأهالي لمساعدة أبنائهم على ممارسة الكرة، وأغلب الفرق تكون تابعة لولاية معينة، والنادي الذي يمثل الولاية، ويقدم النادي لهم الدعم، ويعطيهم الصفة الشرعية.

أحمد مصطفى: «دوري الحواري» أساس «الساحرة»
قال أحمد مصطفى أسطورة نادي الزمالك السابق والملقب بـ «أبو الناشئين»، إن دوري الحواري هو أساس بداية كرة القدم في مصر وجميع الدول، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من نجوم الكرة التاريخيين خرجوا من «حواري» مصر، ولعب الكرة «الشراب» المشهورة للغاية، قبل التطور الكبير حالياً. وأضاف: «أفضل وأهم اللاعبين في تاريخ كرة القدم المصرية، خرجوا من دوري الحواري والشوارع، وكذلك من ملاعب المدارس الطريق الأول لمتابعة المواهب والنجوم الصغيرة، ولعل أبرز مثال على ذلك مدرسة السعيدية التاريخية في الجيزة والتي أخرجت عشرات النجوم في الكرة المصرية، ولعب جميعهم للأهلي والزمالك والترسانة والترام والسكة الحديد، وغيرها من الأندية المصرية التاريخية».
وشدد أحمد مصطفى على أن «الكرة الشراب» هي الأساس والتي بدأ بها لعب كرة القدم، ومن خلالها اكتشفه نادي الزمالك، وانضم إلى صفوفه، وأصبح واحداً من أساطير النادي الأبيض، مشيراً إلى أن من لعب بهذه الكرة هو الأفضل في تاريخ كرة القدم المصرية، ولن تأتي مواهب جديدة بنفس قدرات المواهب التاريخية التي بدأت مشوارها مع «الكرة الشراب».
أضاف «أبو الناشئين» أنه يجب إعادة الاهتمام بالكرة في المدارس، موضحاً أنه أمر سيئ للغاية، أن تكون المدارس الجديدة جميعها من دون ملاعب.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©