الأحد 12 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

محمود شرف يسرد حكايات المهمل والعادي

محمود شرف يسرد حكايات المهمل والعادي
5 أغسطس 2012
يعد الشاعر المصري محمود شرف من جيل الشباب الذي أسهم في تنشيط حركة الإعلام الثقافي المصري بعد الثورة كونه إعلامياً في فضائية النيل الثقافية، بالإضافة إلى دأبه القوي على تكريس إمكاناته لمشروع شعري يتمتع بخصائص ذاتية صرفة من خلال ديوانه الأخير “فتنة حكاء عابر” والذي سبقته ثلاثة دواوين وهي “هوّات طبيعية” و”مهنة التنفس” و”صناديد أيتها الطيبة”. يصف محمود شرف نفسه بالحكاء العابر حيث يقول: أنا حكّاء عابر.. لم ير شيئاً لا النخلة السحابية (كانت تحتل السواد) ولا ضفيرة متهتكة ولا العجوز الوغد يتركها ويغادر إلى برج الخبز وعصاه قصيرة.. وفي مثل هذه اللغة الشعرية التي يسرد من خلالها الحكّاء العابر حكاياته، يقص علينا محمود شرف حكايات كثيرة بطريقة لافتة للنظر في “مدارات الأصفر” و”خيانة” و”في امرأة لابد أنك تتذكرها” و”بائع الخميرة” و”علامات الذاكرة” و”أشياء مؤجلة لرجل كذلك” و”ندبة قديمة” و”اوسكار” وغيرها حتى لتصل قصائده في هذا الديوان إلى خمس وعشرين قصيدة. وفي قصيدته “خيانة” يقول: أيها الوغد كيف تركتني أنتظرك على مقهى الغرباء وهم لا يعرفونني ويحتفي محمود شرف في بنية قصيدته بالإطار السردي، وكأننا نشاهد نصاً سردياً بلغة شعرية شفيفة، لا تخلو من قسوة الموضوعة ذاتها التي هي محور النص الشعري، وهذا يتضح في قصيدة “بائع الخميرة”: بائع الخميرة أخبرني أنني سأموت كان ميتاً قبل عامين على الأقل ولم أصدقه كان ميتاً.. ببساطة ولم أعتد تصديق الموتى ويستمر الشاعر في نظامه السردي بالرغم من اعتماده التوصيف وكأنه يخلق بنى سردية واصفة يمازج فيها بين فني القص والشعر: صديقي بائع الخميرة يحلم كثيراً و”صناديد” لا تعرف أحلامه كما لا تعرف وجهي جغرافياً مكتئبة وسكان خرافيون.. وراحلون وليست طيبة كما يبدو كما أن عينيها مفتوحتان أنا الأعمى الوحيد هكذا صار ونلاحظ هذه الكثافة الحكاية، واللغة المتداخلة في بناء غير متداول إذ أن الجملة لدى محمود شرف ليست تقليدية، فهي مازالت خارج نظامها النحوي: أنا الأعمى الوحيد هكذا صار ونتساءل ماذا صار، وكيف تحول السارد إلى أعمى وحيد، ونتساءل عن بائع الخميرة، ولماذا الخميرة بالذات؟. هل هي جوهر الحياة؟، وكيف يستشرف بائع الخميرة المستقبل؟ “أخبرني أنني سأموت/ كان ميتاً قبل عامين على الأقل”. هذه الأسئلة هي التي تضعنا في حيرة الإجابة، أي لنقل أنها أسئلة لا إجابة لها فهي مؤجلة حقاً، كما يقول في قصيدته “أشياء مؤجلة لرجل كذلك”. كل أشيائي مؤجلة أنا الرجل المؤجل أقول لكم حقائقي: ويسرد “الرجل المؤجل” والذي كان في قصائد أخرى “الحكّاء العابر” كل حقائقه، وتبدو لغة محمود شرف مليئة بالشك إذ أنه لا يريد أن يستقر على حقيقة نهائية في مجمل قصائده ولهذا يقول في قصيدته “ندبة قديمة”: صديقتي التي غادرتها “أو غادرتني.. تحرياً للدقة” عادت منذ قليل إذ نجد هنا لغتين بين “غادرتها” و”غادرتني” في نفي الثانية للأولى مادام الشاعر يتحرى الدقة في سرده لحكايته التي تقول إنها “عادت منذ قليل”. محمود شرف شاعر يومي، يبحث عن أبسط الحكايات، عن المهمل والعادي والمجاني ليحوله إلى نص شعري فيه من الانفلات على مستوى البناء النحوي والتداخل الموضوعاتي والأبنية الصرفية الشيء الكثير، وهذا ما يعطي قصيدته المغايرة نكهة مختلفة مجايلية من الشعراء والشباب في مصر.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©