الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التبرع بقطرة دم «نهر» يروي حياة آلاف المرضى

التبرع بقطرة دم «نهر» يروي حياة آلاف المرضى
29 يناير 2012
حدثت استجابة كبيرة من فئات المجتمع للنداءات التي وجهت إليهم للتبرع بالدم، لسد الحاجة بشكل يومي لعشرات الوحدات من الدم، لأجل إجراء العمليات الجراحية ولأجل مرضى الثلاسيميا، خاصة أن الفئة الثانية تستهلك حوالي 14 ألف وحدة من حجم الدم المتبرع به في مركز الدم في دبي، لأجل 450 مريضاً. ونظراً للحاجة إلى الدم في مختلف أنحاء الدولة، فإن التهاون بالتبرع يؤدي إلى نقص الوحدات، خاصة أن نقل الدم يساهم في إنقاذ حياة إنسان من خلال عملية جراحية أو علاج فقر الدم، أو لإيقاف نزيف حاد خلال عملية ولادة، بالإضافة إلى استخدام بعض المكونات التي أعدت من عملية فصل الدم لعلاج سرطان الدم. (دبي) - أوضحت الدكتورة مهرة المرزوقي مديرة مركز خدمات نقل الدم والأبحاث بالشارقة، التابع لوزارة الصحة، أن الكمية التي تسحب من الوريد في اليد تبلغ 450 مليلترا، وأن الجسم يعوض تلك الكمية خلال 48 ساعة، وتستغرق عملية تكوين خلايا الدم أسابيع عدة. وقالت: يكفي المتبرع أن يعلم أن فائدة التبرع بالدم تساهم في التقليل من الإصابة بالجلطة القلبية والدماغية، كما يزيد التبرع بالدم من نشاط نخاع العظم في إنتاج خلايا دموية جديدة، إلى جانب التخلص من نسبة الحديد الزائدة في الجسم. وتكمل الدكتورة مهرة أن كل متبرع يجرى له فحص للهيموجلوبين، كما يجرى له اختبار ضمن استمارة عن طريق فني، للوقوف على حالتة الصحية، للتأكد ألا يكون من المصابين بأمراض القلب والفشل الكلوي الحاد أو المزمن، وأيضا أن لا يكون من مرضى السكري الذين يعتمدون على الأنسولين، وعلى المتبرع أن يكمل الإجابة على 41 سؤالاً قبل أخذ الدم، ثم يوقع على إقرار بالموافقة على التبرع وفحص الدم الروتيني للإبلاغ عن النتائج. وقالت إن المركز يخدم 34 مستشفى حكوميا وخاصا في إمارتي دبي والشارقة، كما توجد لدى الإدارة أسماء وأرقام متطوعين دائمين، يتم الاتصال بهم عند الحاجة، خاصة عندما يتصل قسم الطوارئ في أي مستشفى للإبلاغ عن نقص في فئة معين من الدم، وقبل العمليات الجراحية. وفي قسم التبرع بالدم التقينا مع إبراهيم عبدالله محمد الذي ينتظم بالتبرع بالدم، وهو يأتي كل ثلاثة أشهر ليتبرع، حيث يصف ذلك قائلا إنه يشعر بالمسؤولية تجاه الآخرين، خاصة أن الدولة تنفق الكثير على الحالات الطارئة والخطيرة، لذا يجب على كل فرد منا المساهمة بقدر استطاعته. ووجه إبراهيم النداء لكل مواطن ومقيم بالتوجه لأقرب مركز للتبرع بالدم، لأن في ذلك خير له وخدمة للوطن، خاصة أنه يشعر بالنشاط والتحسن من بعض الآلام بعد فترة وجيزة من عملية التبرع، وهو يصف عمله بأنه واجب وطني وإنساني، وفي كل زيارة بعد شهرين من عملية التبرع، تجرى له الاختبارات اللازمة للتأكد من حالته الصحية، وللتأكد بعد التبرع من صلاحية الدم كي يتم التبرع به. كما التقينا مجموعة من الأشخاص قد ملأوا قاعة الانتظار، إلا أنهم رفضوا الحديث أو التصوير، مؤكدين أن ما يقومون به واجب إنساني، وخدمة لغيرهم يبتغون بها وجه الله، ولا حاجة للحديث عنها. وفي اتصال هاتفي مع سيدة تلقت 4 وحدات من الدم في مستشفى خاص بالشارقة خلال أسبوع، قالت أم محمد إنها عانت من نزيف خلال فترة امتدت لمدة شهر، وفجأة وقعت مغشيا عليها ونقلتها ابنتها إلى ذلك المستشفى الخاص ليتم فحصها الذي كشف أن لديها مشكلة في نسبة الهيموجلوبين، وكانت صدمة للطبيبة التي حجزتها وأكد حاجتها لنقل لها الدم، مع ضرورة إجراء عملية جراحية. قطرات الحياة وقالت أم محمد: لو من لم تتوفر الكميات الكافية من الدم، وبالفصيلة المناسبة لها، لكان مصيرها مجهولاً، ولذلك فهي اليوم شديدة الحرص على حث أبنائها للتبرع، لأن في ذلك مصلحتهم قبل مصلحة الآخرين، وهي تقول إنها تسأل الله أن يغنيهم عن نقل الدم لهم، ولكن ربما كانت حياة إنسان معلقة بقطرات من دم تبرعت به ابنتها أو أحد أبنائها. انتقلنا إلى مركز الثلاسيميا التابع لهيئة الصحة بحكومة دبي، والتقينا مع بعض المرضى الذين يتلقون الدم كل 20 أو 21 يوماً، حسب حاجة أجسادهم للقطرات الغالية، وبعضهم يتردد على المركز منذ 20 عاماً والبعض منذ عامين، لكن الجميع مشتركون في حاجتهم للدم مدى العمر، وإلا فإن صحتهم سوف تتدهور، وربما يؤدي عدم تلقيهم للدم نهائيا إلى الوفاة، وقامت الهيئة بتجهيز المركز بحيث تهيئ المحتاجين لنقل الدم بطريقة تسمح لهم بقضاء وقت يخفف عنهم وطأة الانتظار لساعات طويلة ربما تمتد بالنسبة للبعض إلى 6 أو 7 ساعات، ويختلط مرضى الثلاسيميا مع بعضهم بشكل يستطيعون من خلاله التواصل والتعارف لقتل الوقت الذي يكون فيه المريض موصولاً بجهاز نقل الدم. كما التقينا مع والد محمد يوسف الذي يبلغ من العمر ثمان سنوات، وهو يأتي به كل ثلاثة أسابيع منذ كان عمره ثلاث سنوات، وقد اكتشف بعد الزواج أنه مع الأم يحملان عامل الثلاسيميا، ويقول إن محمد أو غيره من الأطفال أو الكبار، ربما يحصلون على كيسين من الدم كل 3 أسابيع، ويستغرق الكيس الواحد حتى ينفد الدم منه إلى الأوردة 3 ساعات، ومابين الـساعات التي يتلقى فيها طفلة محمد الدم ينتظر أيضا ما يقارب الساعة لأجل الإجراءت للحصول على حصة الطفل من وحدات الدم. معاناة فاطمة علي أنهت الثانوية وهي حاليا موظفة وعلى وشك الزواج، وهي تصف حالة مريض الثلاسيميا، بأنها معاناة حيث تبقى معه طول العمر، والسبب ربما يكون من تعنت الأهل في الزواج بدون أن يقوموا بفحص أنفسهم، أو لجهلهم بأن هناك فحوصات يجب أن يقوموا بها، ويكفي أن يعرف الأهل إن عملية نقل الدم تؤدي إلى التأثير على القلب بسبب جرعات الحديد لتكرر نقل الدم، ورغم فحوصات ما قبل الزواج، إلا أن البعض يتمم الزواج في بعض المناطق، دون مراعاة لآلام الطفل التي سوف يعاني منها طول العمر، والساعات الطويلة التي سيقضيها الوالدين في مركز التبرع بالدم طول العمر أيضا. أما جمال حسين الحماري من دبي، فهو شاب في العشرين من العمر، ويقول إنه صادف في المركز نفسه أثناء محاضرة شخص يحمل الصفة، ويرغب في الزواج من فتاة تحل الصفة التي ستؤدي إلى ولادة مريض بالثلاسيميا. وقال جمال إنه تحدث إلى الرجل الشاب، ليخبره أنه سينجب طفل سيكبر هنا في هذا المركز، وأنه سيضطر أن يأتي بطفله إلى هنا كل 3 أسابيع وإلا قضى عليه، وعند سؤال جمال إذا كان فكر في عملية زرع النخاع للتخلص نهائيا من الثلاسيميا، قال إنه لا يرغب في ذلك لأن 6 إخوة من عائلة واحدة ماتوا بسبب فشل بعض الإجراءات المحيطة بعملية نقل النخاع. آمنة راشد من مواليد 1992 وهي تأتي مع والدتها من إمارة الفجيرة منذ سنوات طويلة، كي تتلقى الكميات التي تحتاج لها من الندم، وقد كانت أختها ثريا تعاني المرض نفسه، إلا أنها أجرت عملية زراعة نقل نخاع في المملكة المتحدة وفي لندن بالتحديد، وقد أجرت آمنة عملية مطابقة للأنسجة مع 47 شخصاً من العائلة، فلم تجد من تتطابق أنسجته معها، وهي اليوم على قائمة للحصول على متطوع دولي، وقد أجرت لتحمل طفل أنبوب سيتم فحص أنسجته من خلال المشيمة لربما تطابق معها، وكل ذلك من أجل التحرر من عملية نقل الدم، ومن تلك الإبرة التي تبقى موصولة في ذراعها لمدة عشر ساعات بعد أن تعود لمنزلها، من أجل عملية التخلص من الحديد. آلام نفسية وكانت تجلس إلى جوار آمنة والدتها التي عبرت عن الآلام النفسية التي تشعر بها بسبب معاناة ابنتها، وتقول إنها مستعدة لفعل أي شيء من أجل أن تسعد أمنة، وقد كانت الأم خلف كل متطوع من الـ 47 الذين تقدموا لاختبار تطابق الأنسجة، ولم تكن العملية سهلة لأن البعض كان يعتقد أن مجرد سحب جزء من دم النخاع سيؤدي إلى العقم لدية. أما أم ماجد فهي مثل أم أمنة تأتي من مدينة كلباء التي تبعد قرابة الساعتين، وربما تشتغرق وقت أكبر إن كان هناك ازدحام مروري، كي يتم نقل الدم لولدها ماجد الذي يبلغ من العمر13 سنة، و قد لاحظت أم ماجد من الشهور الأولى، أن ماجد لم يكن طبيعي فهو كسول ولونه أصفر، وبعد التحاليل اكتشفت أن مريض بالثلاسميا، ومنذ ذلك الوقت وهي تأتي كل ثلاثة أسابيع للمركز. نور عماد وأم محمد من المستفيدات من الوحدات التي يحصل عليها مركز الثلاسيميا، وكل منهم لديها قصة حول اكتشافها للمرض، لكن كلهن بالإضافة لفاطمة على يناشدن الأهالي والمقيمين، بعدم التوقف عن التبرع بالدم، خاصة في شهر رمضان لأن الكثيرين يمتنعون بسبب الصيام في الصباح، وفي المساء لا يأتي جزء كبير منهم بسبب القلق، ولو أنهم تلقوا تثقيف حول تفاصيل التبرع بالدم، لعلموا أنهم لن يصابوا بأي ضرر من عملية التبرع في شهر رمضان. مركبات متنقلة ذكرت الدكتورة مهرة المرزوقي مديرة مركز خدمات نقل الدم والأبحاث بالشارقة، التابع لوزارة الصحة أن المركز يعمل من خلال 3 مركبات متنقلة على مستوى الدولة، على جمع التبرعات بالدم من خلال الوصول إلى المتطوعين في المؤسسات الحكومية والمدارس، وفي الوزارات والهيئات الحكومية والخاصة. ونبهت إلى أن المدة الزمنية بين التبرع والآخر يجب أن لا تقل عن شهرين ونصف، مؤكدة أن المركز يضمن سلامة المتبرع من حيث استخدام المواد المعقمة التي تستعمل مرة واحدة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©