كان لافتاً في حديث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أمس، ملامسته الأبعاد الاستراتيجية لمنظومة الغذاء، حينما أكد أن الأمن الغذائي منظومة متكاملة لا تتعلق بإنتاج الغذاء بقدر ما تتصل بثقافة التعامل معه.
فاستدامة الغذاء، كما يراها الخبراء، تتحقق بعدة مكونات، في مقدمتها: «التوافر»، بمعنى وجود كمية غذاء كافية، و«الإتاحة» ومعناها وجود موارد كافية من أجل الحصول على الغذاء، و«الثبات» وهو أن يكون الغذاء متوافرا في كل الأوقات، ثم يأتي «الاستخدام»، وهو ما قصده سموه في كلمته.
فقد تميزت الإمارات على مدى العقود الماضية، ولا تزال، بازدهار وحيوية أسواقها وقدرتها على أن تكون مركزاً تجارياً إقليمياً وعالمياً وبكفاءتها في توفير أفضل المنتجات المحلية والعالمية من مختلف السلع لمجتمعها مع تحقيق عوامل الوفرة والتنوع واستقرار الأسعار.
كما حققت قفزة نوعية في مؤشر الأمن الغذائي العالمي، حيث انتقلت من المركز 31 في عام 2018 إلى المركز 21 في عام 2019، ما يعكس الجهود التي بذلتها الحكومة لتكون الإمارات مركزاً رائداً على المستوى العالمي في مجال الأمن الغذائي القائم على الابتكار.
واليوم، وفي ظل الحالة الاستثنائية والطارئة التي يمر بها العالم، لا بد أن يأخذ مجتمعنا مساراً أكثر مسؤولية لاستدامة السلع والمخزون الغذائي، ركيزته الأهم «ثقافة التعامل مع الغذاء»، أو بالمعنى الأوضح «ثقافة الترشيد».
ربما كان الترشيد في الاستهلاك «نافلة» قبل «كورونا»، بينما الآن، وفي ظل هذا الوباء، فقد صار أمراً حتمياً، علينا كمجتمع أن نلتزم به، عبر اتباع مجموعة من الإجراءات والخطط الواعية والطرق المثلى، وهي أمور تقتضيها مسؤوليتنا تجاه مجتمعنا، ودعت إليها نصوص دينية قطعية، نبذت الإسراف حتى ولو كنا على نهر جار.