العقلية الألمانية تستحق الاحترام، فهذا الشعب الذي عانى من ويلات حربين عالميتين، نهض، وأصبح قوة اقتصادية، وكذلك قوة رياضية عظيمة، وهذه العقلية سبقت محيطها الأوروبي في مواجهة كورونا بعودة نشاط كرة القدم، على الرغم من الجائحة. 
عندما فاز منتخب ألمانيا على البرازيل 7/‏‏1 في مونديال 2014، كنت أشفق على السامبا كلما اهتزت شباك الفريق بهدف، فهل هذا معقول أن تخسر البرازيل بسبعة أهداف على أرضها، لينتقل شبح ماراكانا الساكن هناك منذ عام 1950 إلى مدينة بيلو هوريزونت في 2014... ؟!
هناك مشكلة أصابت كرة القدم في أميركا اللاتينية، وربما يأتي وقت الحديث عنها مقارنة بالكرة الأوروبية التي احتكرت لقب المونديال في آخر 4 بطولات، لكنني أعود إلى العقلية الألمانية، وإلى تفسير الألمان لهذا الانتصار القاسي على البرازيل، وسط دموع الآلاف بالاستاد.. فهم يرون أن الاكتفاء بالنتيجة أو ببضعة أهداف يمثل إهانة للمنافس، والرياضة لا يجب أن ترتدي ثوب الاستهتار والتعالي، كما أن العقل الألماني يلعب بجد كما يعمل بجد.. 
بعد فوز بايرن ميونيخ على باير ليفركوزن 4 /‏‏ 2، قال هانسي فليك المدير الفني لبايرن: إن الغرض من كرة القدم هو الفوز بالمباريات، كأنه يختص فريقه بتلك الحقيقة، لأن بعض الفرق تلعب على النقطة، أو تلعب كي لا تخسر، أو تلعب كي تخرج بأفضل نتيجة، ويحكم هذا المنطق غالباً، موقف الفريق في جدول المسابقة أو قوة الخصم، أو موقع المباراة، فهل هي خارج الملعب أو على ملعبه؟ 
بايرن ميونيخ يتجه إلى لقبه الثامن على التوالي في الدوري الألماني، وتلك هي نقطة ضعف البوندسليجا، إنه دوري الفريق الواحد، وليس مثل البريميرليج دوري ستة فرق كبيرة، كما أن فلسفة اللعب في إنجلترا هي الفوز أولاً، بغض النظر عن موقف الفرق في الجدول أو موقع المباراة أو قوة الخصم، وهذا جعل البريميرليج ساحراً وثرياً.
كان رومينيجه واقعياً، حين قال قبل سنوات: إن البوندسليجا يأتي خلف البريميرليج بعشر سنوات، وكان حالماً حين قال قبل أسابيع: إن العالم كله سوف يتابع الدوري الألماني.. والصحيح أن العالم أراد أن يعرف كيف يلعب الألمان في الجائحة، وكيف يهزمون كورونا، لكن هذا العالم لم يتذوق طعم المتعة التي يراها في الدوري الإنجليزي أو في بعض الدوري الإسباني والإيطالي..
**الصراع هو جوهر كرة القدم، هو المتعة في اللعبة، بينما الأهداف هي حبة الكريز التي تزين التورتة..