لحماية البشر من شر هذا الوباء الشرس الذي أودى بحياة المئات وأصاب الآلاف في كل دول العالم، فرض على الناس الالتزام بالعزلة ووسائل السلامة لتحاشي انتشار هذا الوباء الذي سمي كوفيد 19 المستجد واسميه كوفيد المستبد!!
وللعزلة ميزات كثيرة نتذوقها نحن الذين أنعم الله علينا بوجودنا في حضن إمارات المحبة والسلام والرعاية والاهتمام بكل وسائل الحفاظ على حياتنا أفراداً وجماعات، فيما الكثير من الناس تذمروا ورأوا في فرض العزلة وحشة وضجراً. لكن هؤلاء المتذمرين لم ينتبهوا إلى أن العزلة تصبح احياناً مفتاحاً للإبداع! فيا أيها الملتزم بالعزلة في بيتك ألا تدرك أن العزلة كالبذخ والهدوء كملمس الحرير؟ ها أنت في عزلتك، ليس معك غير نفسك تستريح إليها من قسوة الضجيج. روحك تستأنس بك في العزلة وفي التوحد بالنفس، تتفتح الحواس كلها.. البصر والبصيرة. حيث يتحد المرئي واللامرئي في اللحظة ذاتها. السمع والإنصات، فأي نأمة في الخفاء تصير رعدا. وبرهافة اللمس تستيقظ الأصابع من بلادة المألوف، وتصير عينا ترى وأذنا تسمع ودما يتدفق بين اللمس والملموس حتى يملأ الجسد بلذة النشوة أو رعشة الرهبة. حاسة الشّم تسري حتى مروج الحلم. يقتحمك الوجود كله. وتستيقظ الذكريات من وهدة السنين.. دقات الزمن تسير برتابة الأيام وسرعة النهايات. قد تسمع صدى بكاء طفل منسي في البعيد فيوقظ الحزن. لغط الأصوات يتلاشى بطيئا في المدى المجهول.. وجوه اتشحت بالنسيان وأوغلت في الغياب، تنهض من لجة الذاكرة. مدن ومحطات وطرقات قد مررت بها تستيقظ كأنك الآن أنت تسير وحدك متئداً فيها، تسوقك خطى غامضة، كأنك أضعت الطريق إلى بيتك! 
يا لفيض العزلة وترف الأنس بالنفس. لكأن وقع خطى أبنائك وأحبائك في أرجاء البيت نهنهة البراعم إذ تنهض في فيض المطر. لكأنها اختيال الغيم يسبح متئداً في جلال السماء. لكأنها الخرير الخفي في حنين الينابيع. أي ألماس يبرق في تنفس العزلة؟ أي نهوض يتأهب، وخيال يشبّ ُ. أية سعة تمتد أمام البصيرة نحو المطلق واللانهائي. أي ميزان رهيف هذه الإمارات يزن البشر بالعدل والحق. كأن كل واحد منا هو البشر أجمعين!
 في العزلة الناس حولك أحبة ورفقة وصحبة. كأن المحبة محيط دافق وأنتم تجدفون في المحيط لتصلوا إلى مرفأ السلامة. لا وحشة في العزلة إن امتلأت النفس بمحبة الناس ويقظة الحواس وضياء العقل والإبداع. فإن التزمتم بعزلتكم ستحافظون على حياتكم وحياة من تحبون من شر هذا الوباء الشرس!.