رغم فداحة ما يحدث ورغم فزع العالم من وباء اسمه «كورونا» ورغم ما حل ببعض الدول من عصبية وتوتر وفوضى، إلا أن الفجر الجديد قادم، وسوف تشرق شمس جديدة بميلاد إنسان جديد يحمل فكراً جديداً، خارج كل الأطر التي حددت وجوده وسوّرت فناءه وأحاطت به كما تلتوي الأفعى على الفريسة.
سوف يولد هذا الإنسان من أحشاء المعاناة، ومن وعيه بأهمية أن نكون معاً ضد المباغتة،وضد المداهمة، لكي ننتصر ولكي نحافظ على وجودنا، وهذا لن يحصل إلا عندما يقرر الإنسان ولا يتردد، ويذهب إلى الحياة وهو مؤمن بأنها له، وتساهم في نضجه، وما عليه إلا أن يثابر ويستمر، ولا يتوقف ويؤمن كما آمن قبله جبران خليل جبران: «تقدم، ولا تتوقف، في التقدم يحدث الكمال».
الإنسان الجديد مطالب بأن يكون كذلك، وأن يتحدى الظرف،ولكي يقطف الثمرة لابد أن يصعد إلى قمة الشجرة، وألا يقف متفرجاً، ولكي يحصد الجوهرة يجب أن يتوغل في عمق البحر، وألا يقف فقط على الشاطئ ويقول هناك جوهرة.
الإنسان الجديد يتخلّق اليوم من خلال هذه المحنة، وفي غضون زمن قياسي سوف يبرز كما تبرز الشمس في سماء الوجود، وسوف يختفي الإنسان القديم أي كل الذين يعلّقون مصائبهم على مشاجب الوهم، ويتيهون في مجاهيل الخوف والتردد، وإرسال شظايا العجز والقنوط إلى الاتجاهات الأربعة.
الإنسان الجديد قادم بكل ما يملك من عناصر التفاؤل والفرح، وسوف تسجل أحداث هبة الطامةفي كتاب العقل، كأنها الزوبعة التي تحرّكت حول الفنجان ولم تهزه.
سوف نتذكر سوياً، وستقص الأجيال الراهنةالقصة بكاملها لمن سيأتون من بعد، وسوف يبسم الإنسان الجديدوهو يحكي التفاصيل، وتشع عيناه ببريق الظفر، وسوف ينصت الصغار،ويتخيلّون عظمة الذين جابهوا الجائحة بصمود وصبر وشجاعة وإخلاص وصدق ووفاء.
هذه الإنسانية التي تخوض معركة المصير، هي من سيولد من خلالها الإنسان الجديد، والذي سيخلّده التاريخ، كأيقونة رسمت الفرح على شفاه الناس، وواجهت الطوفان بقلب أوسع من الأفق وعقل أروع من المحيط وروح أنقى من عيون الطير.
الإنسان الجديد سيأتي، وهو حاضر في أذهاننا، حاضر في وجودنا،ونحن نشعر بأننا حاضرون بحضوره، بحضور أولئك الأفذاذ الذين يحملون أرواحهم على أكفهم، ويمضون بالقافلة نحو بر الأمان، يمضون بالأوطان نحو حياة جديدة سوف تكون البديل لما كان عليه الواقع البشري.