بالقدر الذي ضحكت فيه لموقف ذكره مواطن ستيني من أهالي دبي في مقطع مصور، توقفت أمام طرحه لمعاناة أمثاله المعنوية قبل أي شيء آخر ممن وجدوا أنفسهم وهم بكامل صحتهم وقوتهم وقدرتهم ممنوعين من دخول المراكز التجارية الكبرى والأسواق وغيرها من أماكن التسوق والترفيه جراء الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية المفروضة للتصدي لجائحة «كورونا».
 يروي الرجل كيف كانت لوالده سيارة «لاند روفر» من ذلك الطراز القديم الذي يذكرك بأيام قوات الساحل، يقودها أحياناً من دون رخصة يشق بها الطرق الصحراوية والسيوح وهو في الحادية عشرة من العمر لمساعدة والده الذي اصطحبه للمرور لاستخراج رخصة قيادة، وفي ظل عدم وجود شهادات للميلاد واشتراط اللوائح أن يكون المتقدم في الثامنة عشرة من العمر، سجله والده بأنه في السن المطلوبة؛ ولأن الثقة سائدة بكلمة من رجل معروف في ذلك المجتمع الصغير حينها، نال الرخصة، ودون تلك السن أيضاً فيما بعد في أول جواز سفر يحصل عليه.
وأتذكر كثيراً من الأقارب والمعارف التحقوا بالشرطة والجيش وغيرهما من مرافق الخدمة العامة بهذه الطريقة في ذلك الزمن، وأحياناً شهادة «تسنين» من طبيب تفي بالغرض وتحل مكان شهادة الميلاد.
وبعد أن فرغ الرجل من رواية قصته ذاكراً أسماء الشهود عليها والمسؤول عن منح الرخص في ذلك الوقت، ناشد المسؤولين قائلاً «ردوا لي عمري»، بعد هذه المواقف والإجراءات التي فرضت على «الستينيين» الذين كنت قد أشرت لمعاناتهم مع بداية الإجراءات عبر هذه الزاوية.
حسناً فعلت الجهات المختصة وهي ترفع منذ يوم أمس الأول سن السماح لدخول المراكز التجارية لمن هم فوق الستين إلى السبعين عاماً، بما في ذلك الجمعيات و«السوبرماركت»، بالإضافة إلى المطاعم والمنشآت الرياضية، وجميع متاجر التجزئة خارج مراكز التسوق، مع الالتزام بجميع الإجراءات الوقائية من ارتداء الكمامة والقفازات والتباعد الجسدي. أما الذين يعانون أمراضاً مزمنة، فهم وذووهم حريصون على الالتزام بعيداً عن التجمعات وما تحمله من مخاطر.
 لدينا اليوم أعداد كبيرة من البشر يتمتعون بصحة تامة وبكامل قوتهم الجسدية والذهنية وقدراتهم على العطاء رغم تقدمهم في العمر، بفضل الله ومستوى الرعاية الصحية والطبية التي يحظون بها، مما انعكس على معدلات الأعمار مقارنة بفترات الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي.. حفظ الله الجميع.