رغم الأهمية القصوى للصيانة الدورية في مختلف المجالات، إلا أن الكثير من الجهات، بالذات المسؤولة عن مرافق عامة، تولي أمور الصيانة أهمية ثانوية، ولا تتحرك إلا متأخرة للاستجابة للتعامل مع عطل طارئ أو ثغرة هنا أو هناك، ومن دون الاستفادة من الوقت الذي كان متاحاً لها لإجراء عمليات الصيانة المطلوبة. ولوزارة التربية والتعليم سجل حافل في عدم توظيف العطلة الصيفية التي كانت طويلة في أزمنة سابقة قبل ظهور التجارب الجديدة لتنفيذ برامج الصيانة.
هذه الأيام، ومع اشتداد وارتفاع درجات الحرارة، تبرز عيوب الصيانة أكثر في المنشآت العامة، وبالذات القديمة منها، وتخفق معها الحلول الآنية والترقيعية.
 خلال الأيام القليلة الماضية، عانى باعة ومرتادو سوق الخضراوات والأسماك واللحوم في مدينة زايد (الدانة) في قلب العاصمة أبوظبي من خلل أصاب نظام تكييف المبنى القديم، حيث ترتفع الحرارة داخله لدرجة تدفع المتسوق لمغادرته بأسرع ما يمكن بعد أن يتزود باحتياجاته منه على عجل، ولكن ماذا عن أصحاب تلك المحال الصغيرة وبضاعتهم سريعة التلف؟ وهم يعانون تلك الحالة منذ أيام عدة، والبلدية المسؤولة عن السوق، و«السلامة الغذائية» الحريصة على الالتزامات باشتراطاتها، أدرى قبل غيرها ماذا يعنيه خلل التكييف وتأثيره في سلامة تداول وتخزين بضائع السوق والخضراوات والأسماك واللحوم، خاصة في هذه الأوقات، حيث تسجل درجات الحرارة والرطوبة نسباً عالية ومرتفعة.
لقد كان هذا السوق وقبل إعادة افتتاحه مغلقاً أمام الجمهور قرابة الأشهر الثلاثة في إطار الإجراءات الاحترازية، وكان بالإمكان استغلالها لإجراء عمليات الصيانة المطلوبة لنظام التكييف جنباً إلى جنب مع «التعقيم الوطني»، ولكنها ذات الإشكالية في عدم استغلال الوقت، وكذلك إسناد أعمال التصليح إلى شركات «أكشاك الصيانة» التي لا تملك سوى فنيين يفتقرون للكفاءة، وعمال غير مؤهلين تتنقل بهم من مكان لآخر وتغري المتعاملين معها برخص الأجور التي تطلبها نظير خدماتها.
 كذلك أصحاب المنازل والعقارات، يعانون تجارب فنيي «أكشاك الصيانة» تلك التي تصول وتجول على الساحة في ظل غياب تقييم وتصنيف علمي ومهني لأعمالها وشهادات فنييها، حيث تجد عاملاً بسيطاً كل فهمه للتكييف حمل أسطوانة الغاز وتعبئة جهاز التكييف، متقمصاً دور المهندس المختص بحكم الواقع.
نأمل أن تبادر البلدية لإصلاح حال «سوق الخضار»، والأهم اعتماد تصنيف يساعدنا على تمييز الفني عن غيره في سوق مفتوحة.