في الإمارات، إماراتيون غاضبون بسبب قرار «إلغاء الدوري»، وفي السعودية سعوديون ساخطون جداً بسبب قرار «استئناف الدوري»، وكلا الفريقين من المعسكرين المُحتجَين يعرض أسباباً تؤيد التذمر، وتبرر الحنق، ولذلك يغلقون كل أبواب الحوار، ويختصرون النقاش في نتيجة واحدة، هي أن كل ما يحدث مؤامرة!
لا أعترض على «الاعتراض»، وإنما على اليقين بوجود تآمر، وعلى سرد مبررات ركيكة، واختراع قصص فاشلة للتأكيد على حقيقة التآمر والمتآمرين، وعلى التناقضات الصارخة، وعلى الرأي الذي يتغيير بناءً على موقع الفريق، الذي يشجعه «صاحب الرأي» في البطولة.
ولأن دماءً عربية تجري في عروق الإسبانيين، فإنهم يشبهوننا في صناعة اعتراضاتهم الخاصة على الحكام واللجان، ويجدون في ذلك «إعلاماً وجماهير» تعويضاً لخسائر أنديتهم داخل الملعب، وبدلاً من أن يحمّلوا اللاعبين والمدربين وزر الهزيمة، يبحثون عن ضحايا آخرين لإلقاء اللوم عليهم، وسجنهم في دوائر ضخمة من التشكيك، حتى يستسلموا أو يغادروا مناصبهم، أو يتساهلوا في تطبيق القانون حقناً للفوضى، وتخفيفاً لحدة الصراخ.
البرشلونيون «مثلاً» يهربون من خيباتهم وأحزانهم، باتهام ريال مدريد بشراء الذمم، وبتواطؤ رجال اتحاد القدم معه، الكل يشاهد الفظائع الفنية التي تسحق الأداء في الملعب، وتمهّد الدرب للخسارة، لكن لا أحد يرغب في الاعتراف بذلك، الاعتراف به سيجعل من فوز ريال مدريد شرعياً، وهذا ما لا يوده الكتالونيون جمهوراً وشعباً!
حسناً، هل يقوم المدريديون بالدور نفسه؟ هل يشكون ويشككون؟ ويتهمون آخرين بتدبير الخسائر؟!، نعم، لكنهم حصدوا في المواسم الأربعة الأخيرة عدداً هائلاً من الكؤوس، وبالتالي هم مشغولون الآن في استغلال هذه البهجة لصناعة مباهج أخرى جديدة وكثيرة، مشغولون بجمع النقاط، لا بجمع اللقطات وإضافتها إلى ملف المؤامرة!
البرازيلي داني ألفيس - لاعب برشلونة سابقاً - نشر في حسابه على موقع «تويتر»، صورة للقائد سيرجيو راموس في احتكاك مع راؤول جارسيا (وصف قانونياً بأنه لا يستوجب احتساب ضربة جزاء)، وكتب: «علمونا أنه يتوجب علينا فعل أكثر من المعتاد، أو لن يكون ذلك كافياً، وقد كان»، يقول «علمونا»، وهي كلمة تشرح الحال في النادي الذي يحمله ليونيل ميسي وحيداً فوق أكتافه، وتُظهر حجم الاستعداد النفسي للهزيمة، وحماية اللاعبين من تحميلهم مسؤولية حدوثها.
حسناً، لنقل كما قال الحكم الإسباني الدولي السابق، إيتورالدي جونزاليس: «90% من الحكّام في إسبانيا يشجعون نادي ريال مدريد».
ولنسأل: ماذا عن حكام دوري أبطال أوروبا، وحكام بطولة كأس العالم للأندية.. هل يشجعون ريال مدريد أيضاً؟!
ثم إن «الملكي» الذي يتآمر الجميع في العاصمة لصالحه، لم يحصل خلال المواسم العشرة الأخيرة على بطولة الدوري الإسباني سوى مرتين! ما هذه المؤامرة الرديئة التي تُصنع من أجل فريق ويفوز بها فريق آخر!
الأمر بسيط، بسيط جداً، إذا كان فريقك قوياً ومتفرغاً للملعب فقط لن يستطيع أحد هزيمته.
تفكر في وجود مؤامرة؟!.. كما تحب، لنقل إنها كذلك، ربما يتآمرون على هزيمتك مرة أو مرتين، لكنهم لن يهزموك دائماً، ربما يأخذون منك بطولة أو بطولتين، لكنهم لن يبعدوك عن المنصات أبداً، لكن إن آمنت أنهم يحاربونك، ويخططون لإسقاطك فلن تفوز إلا نادراً.