من يقود العالم الآن دولة لا يتعدى عمرها 244 سنة، وهو بعمر الدول وضمن سياق التاريخ يعتبر لا شيء يذكر، فهناك دول وحضارات عمرها آلاف السنوات، ولكن التقدم العلمي الهائل، والذي انعكس على القوتين العسكرية والاقتصادية وتمركز الاختراعات والإنترنت والفيزياء والطب وعلوم الفضاء فيها، جعلت من الولايات الأميركية المتحدة القوة الأهم في العالم، وهي التي تقوده حسب إرادتها، التي قد لا تعجب البعض ولكنهم مضطرون إلى الرضوخ لها، وحتى تكتلات قوية مثل الاتحاد الأوروبي بكل دوله، لا يستطيع مجابهتها...
العلم والتطور التكنولوجي هما ما يقرران الآن مسيرة الأمم ومكانة الدول، لهذا كانت من أحلام الإمارات، التي باتت خلال خمسين عاماً دولة متطورة جداً، على الصعيد التكنولوجي وبحكومة رقمية وخدمات إلكترونية وبنى تحتية من الأفضل في العالم، وهو ما لمسناه خلال جائحة كورونا التي أتعبت دولاً عظمى، ولكن ليس هذه المنطقة من العالم ولا الإمارات المستعدة لها... أقول من أحلام الإمارات كان غزو الفضاء والتطور التكنولوجي، وهو ما لمسناه منذ أيام الراحل المغفور له الشيخ زايد، واستمر مع أبنائه ومع القيادة التي أسست مركز محمد بن راشد لعلوم الفضاء، وبدأت رحلة الصعود للأعلى، وصولاً للحلم الأصعب، وهو الوصول للمريخ عبر قمر إماراتي عربي، وهو ما كتبه على قصاصة ورق سمو الشيخ منصور بن زايد قبل سنوات سبع خلال الخلوة الوزارية، عندما تم طرح سؤال حول أبرز عنوان لاحتفالية خمسين عاماً على تأسيس اتحاد الإمارات...
إذاً، حلم الفضاء لم يكن حلماً شخصياً فقط، بل كان حلماً جماعياً يداعب أذهان معظم الإماراتيين الذين شاهدوا صرح بلادهم ينهض وينمو خلال فترة قياسية، ليحققوا حلم زايد وحلم راشد، وهو حلم يفتخر به كل عربي كان يعتقد أو يرى أن العرب «متخلفون علمياً وعمرانياً و إنشائياً»، واليوم نشعر حقيقة بالفخر أن نعيش ونتعايش على هذه الأرض الطيبة، التي لا يفرق أهلها بين مواطن ومقيم ووافد وزائر، ولمسنا حجم التقدم من لحظة دخولنا المطارات وحتى خروجنا منها، فكل شيء مؤتمت، وكل الناس تحت القانون، والبنى التحتية شاهدة عندما نرى الأميركي والألماني والإنجليزي والفرنسي والياباني يأخذون الصور التذكارية للمعالم المنتشرة في الدولة، وعندما نرى أن مطارات الدولة استقبلت سياحاً وزواراً أكثر من دول أوروبية شهيرة وكبيرة، رغم درجات الحرارة العالية، وعندما نرى الاحترام الكبير للإمارات في كل مكان، حتى بات جواز سفرها من الأقوى عالمياً، عندما نرفع القبعة لمن أوصلوا العرب للمريخ عبر مسبار الأمل، ولمن جعلونا نستعيد الثقة بأننا كعرب قادرون لو أردنا، وقادرون لو وثقنا بأنفسنا وبشبابنا وإمكانياتنا وعقولنا، كما فعل الإماراتيون.