عندما بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خرائط ضم الأراضي الفلسطينية وغور الأردن، صدرت بيانات منددة لهذا الإعلان على المستويات العربية والإسلامية وحتى الغربية، لكن تلك البيانات التقليدية لربما لم يصاحبها تحركات على الأرض لإيجاد حل لإدارة الأزمة ورأب الصدع في هذه القضية، خصوصاً أننا في منطقة لم تعد تحتمل المزيد من التوترات والتدخلات الخارجية والصراعات التي امتد أثرها على القريب والبعيد، وفي أزمة مخطط الضم، أمر لا يحتمل ترك الفراغ للشعارات الشعبوية التي تعود عليها الشارع العربي.
حضور الإمارات في هذا الملف كان واضحاً أمام العالم بمصداقيتها المعهودة وإيماناً بضرورة حل الأزمات من خلال الحوار والتواصل لا من خلال حروب التصريحات والتهديدات التي باتت أسلوباً باهتاً في التعامل الدبلوماسي.
والحقيقة هنا أن الدول اليوم تتعامل مع مثل هذه القضايا بأسلوبين، الأول يتمثل بالمتاجرة لأهداف ضيقة لربما من باب الاستعطاف الديني أو لأغراض انتخابية، وأما الأسلوب النموذجي والمتزن فيعمل على معالجة هذه القضايا بهدوء وحكمة من دون ضجيج، فالعلاقات وإن كانت تقوم على المصالح فلا شك أن استدامتها تتمثل بالمصداقية.
مصداقية الإمارات ومكانة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، جعلت من الإمارات لاعباً فاعلاً في المنطقة من خلال التنسيق العالي مع الأشقاء، خصوصاً المملكة العربية السعودية ومصر، ويتفق الجميع على شخصية سموه حيث يحظى بتقدير عالٍ لدى الدول الكبرى، لذلك عولت الدول التي أبدت مخاوفها من ضم الأراضي على حكمة سموه لحل الأزمة وهذا بالفعل الذي تحقق.
التعامل في هذه القضية كان قد تدرج من تصريحات رسمية على مستوى وزارة الخارجية والتعاون الدولي ومخاطبة الشارع الإسرائيلي من خلال مقال معالي يوسف العتيبة سفير الدولة لدى الولايات المتحدة الذي نشر باللغة العبرية، فالنموذج الذي أظهرته الإمارات في تجميد مخطط الضم كان من خلال عمل دبلوماسي- دبلوماسي ودبلوماسي- شعبي، وكان لهذا الأسلوب أثر بالغ على صناع القرار والرأي العام الإسرائيلي، وهذا ما يجعلنا اليوم نعلن عن العلاقة المتوازنة مع إسرائيل لحل مثل هذه الخلافات والتعاون في مختلف المجالات، فالجغرافيا لا يمكن تغييرها.