يكثر الحديث عن مرحلة الثمانينيات في الإمارات، التي أفرزت جيلاً ثقافياً مختلفاً في الشعر والمسرح والفنون البصرية والقصة والكتابة، هذا الجيل الذي يشار إليه بأنه المؤسس لتيار التجديد والحداثة والمغايرة في الطرح والرؤى، وابتكار صيغ جديدة في التعبير الفني والأدبي، ومن يعود لقراءة تلك المرحلة الذهبية، عليه أن يقف على أشكال التواصل التي شاعت بين الأدباء والفنانين آنذاك، حيث كان هناك نوع من العصف الذهني العفوي ظل يتجلى في الالتفاف الحميم لهذه المجموعة على بعضها بعضاً، كانت اللقاءات شبه يومية، وكانت المسافة ما بين دبي والشارقة ورأس الخيمة لا تشكل عبئاً على انتقال أي فرد من المبدعين يومياً إلى هنا أو من هناك، وكذلك تجد مجموعة كبيرة من الأصدقاء يقررون الذهاب معاً إلى أبوظبي والالتقاء بالأصدقاء هناك، كانت شقق وبيوت الأصدقاء تستوعب جلسات النقاش تلك، وكانت الأحاديث تتعمّق في طرحها لتتناول كل شجون الثقافة المحلية والعربية والعالمية، وكانت لذة الاكتشاف مستعرة في القلوب والعقول، أحدنا يتحدث عن كتاب، فيتلهف الجميع لقراءته، وآخر يطرح فكرة جديدة استقاها من مؤلف فيتوغل الجميع في مضمونها، والأهم أن هذا النوع من العصف الذهني العفوي، إلى جانب القراءة، ترك في وجدان هذا الجيل أثراً مهماً في تقريب رؤاهم، حول مواضيع شائكة في الثقافة والفلسفة والعلوم. 
أيضاً ينبغي النظر إلى هذا الجيل، بأنه متشابه في المرجعيات والأسس، معظم الأسماء التي برزت في هذه الفترة، كانت قد تأسست على منهج تعليمي واحد متشابه في المدارس الحكومية، وثمانون بالمائة منهم ذهبوا إلى نفس الجامعة، وتخرجوا فيها وهي جامعة الإمارات، والباقون في القاهرة، وهنا وهناك تعرّف أكثرهم على أكثرهم، بما أسهم في تكوين هذه الروح الجماعية المنطلقة في الاكتشاف والمغامرة والخوض في الموغل والبعيد. أيضاً لعب معرض الشارقة الدولي للكتاب في أوائل الثمانينيات الدور المحوري الأكبر في رفد هذه العقول بجديد المكتبات والترجمات من كل آداب العالم، ثم تكامل هذا الدور بمعرض أبوظبي للكتاب، وهناك رزمة من المراجع في الفلسفة والرواية والشعر والمسرح طافت بين الجميع بلا استثناء، ولذلك ارتفعت في سماء تلك الفترة حالة من الحوار النوعي في مواضيع مختلفة ومتشعبة في كل اتجاهات الثقافة وتياراتها، وهي بالتأكيد كانت العصف الذهني الثقافي، الذي أشبع نهم جيل كامل للمعرفة، وجعله يُبدع بعمق يستشرف الأفق، ويريد أن يتجاوزه دائماً.