عندما كنا صغاراً، كان السؤال اللاحق دوماً بعد كل قصة تمر علينا في كتاب اللغة العربية، ما هي العبرة المستخلصة؟ والحقيقة، أنه دوماً ما كانت الإجابة يجب أن تتوافق مع ما هو مُدون في كتاب المُعلم -وهو الدليل الوزاري، الذي يجب أن تأتي إجابات الطلبة موافقة له- وإلا لن نستحق درجة النجاح، لهذا السبب لم يكن ليسمح بعِبر أخرى مستخلصة خارج الكتاب المدرسي، فما بالك بمناقشة احتمالية صوابها! المثير جداً أن النظام التعليمي كان يصر على تضييق حدود التفكير لأقصى درجة، مانعاً تماماً لأي طرح خارج ما هو مُعتمد. 
وهذا تماماً ما كنت أعانيه في صغري، فقد كنت طالبة «بليدة» حسب التصنيف التقليدي للفترة، التي تلقيت فيها تعليمي الابتدائي والإعدادي، فاقدة للتركيز في الصف، والسبب، أني كنت أَعلَق في شرك بعض التفسيرات، التي ما كانت تومض أمامي، حتى أنشغل بها عما هو حولي، فأغرق بين سيطرتها عليَ وبين رهبة مناقشتها علناً، فكنت أُفوت الكثير، أو لأكون أكثر دقة.. كنت أفوت ما كانوا يلزموننا به، وعودة للعبرة المستخلصة من الدرس، فإنني اكتشفت إلى أي درجة كنت محظوظة بهذا الشرك دون غيري، إذ تأكد لي أن العبر التي كانوا يعلموننا إياها للقصص، لم تكن هي الوحيدة المُستخلصة -تماماً كما كنت أشك- فهناك الكثير الذي أدركناه جميعنا فيما يعد، بحكم الزمن وظروفنا وتجاربنا المختلفة وأولوياتنا الحياتية المتباينة. 
 لكل قصة عِبر وحِكم يدركها المتلقي، من خلال منظومة معقدة جداً تخصه هو وحده، قد يتشارك فيها أحياناً مع غيره، وأحياناً أخرى لا، ولهذا نرى أن الأحداث التي تمر على البشرية، حمالة للكثير من الدلالات التي لا يدركها الجميع على نفس المستوى، وإنما على مستويات مختلفة، كلها صحيحة ومناسبة جداً لذات المتلقي، وحسب ظروفه وتجاربه وأولوياته كما ذكرت سابقاً، إن إدراك الناس المتباين للأمور، يجب ألا يخضع للأحكام، بمعنى أنه في مجمله صحيح ومناسب جداً لصاحبه، وإن كان ذلك مختلفاً مع آخرين.