بالرغم من عشقي للتبضع، كونه نوعاً من التأمل الذي يجلب الخسارة، مع الوقت يصبح عادة ملازمة للشخص، لا يستطيع الفكاك منها، حتى إن بعض الناس لديهم ما يسمى «إدمان التسوق والشراء»، وهي درجة مرضية، خاصة حين يكون الواحد منهم في أسوأ حالاته النفسية وأزماته الاجتماعية، ولا يهدأ حتى يشتري ما يشعر ساعتها أنه أعجبه، ويحب امتلاكه، رغم أنه في كثير من الحالات ينساه، ولا يتذكره، ولا يستعمله، وربما تأسف عليه لاحقاً، والتسوق والتبضع في السفر متعة أخرى لا تضاهيها متعة، خاصة للذين يحبون الاقتناء، ويعشقون المقتنيات، ويفضلون التسكع على مهل في المدن، والتمتع بواجهات المحلات الزجاجية، لكن مثل هذه المتعة قد تحرمك منها مرافقة الزوجة في الشراء، لأنها لن تترك لك مجالاً لممارسة تلك الهواية، وربما أفرغت جيوبك على أشيائها، وحين تقول لها: أريد أن أشتري شيئاً! لا تملك أن تكمل، ولا تجد منها غير ذلك الجواب الجاف: أوووه.. بعدين.. بعدين! فتكتفي بالمشاهدة والمرافقة وحمل الأثقال، وفي داخلك جملة واحدة تحاول أن تتلفظ بها، ثم تمسك: لا تتبضع للنساء، ولا معهن، ففي الأولى عدم الرضاء، وفي الثانية عدم الراحة! 
الحياة تعلمنا أن المرأة زبونة دائماً، وقلما تجدها تاجرة، وتشير الدراسات إلى أن النساء هن القوة الشرائية الضاربة، وأن كل الإعلانات التجارية موجهة لهن، لأنهن صاحبات القرار في الشراء، سواء للمنزل أو للأولاد أو الأزواج أو حتى للـ«فشخرة» والمظهر الاجتماعي، لكن المرأة هي أسوأ المشترين على الإطلاق، خاصة بعد ضريبة القيمة المضافة عندنا، والتي تتأفف منها، أما في لندن وباريس فهي أبرد على جوفها من جغمة الماء المثلج، في مدن التسوق العالمي المشهورة مثل نيويورك وميلانو وهونغ كونغ واسطنبول وفرانكفورت وغيرها، تظل تعذب الزوج بسحبه وراءها وحمل أثقالها ودفع مشترياتها، وهي تتعب البائعين وتجعل بعضهم يلعنون احتراف هذه المهنة، من كثرة تقليبها في البضائع والسؤال عن كل كبيرة وصغيرة، وفي الآخر لا تشتري إلا من جاره الذي كان يكتفي بالتفرج من باب دكانه، لتغيظ البائع لعدم صبره عليها، وهي أيضاً تتعب السائق في التوقف عند كل دكان، والانتظار بالساعات لأنها تفتش عن فصوص كريستال بلون الفستق الحلبي أول موسمه، وتهلك الشغالة من فك المشتريات وإعادة ترتيبها والسؤال عنها باستمرار أين وضعت ذاك الشيء، وأين تركت تلك الحقيبة؟
والشراء في البلاد أوفر وأستر، ويمكن أن تهدّ وتزعل، لكن المصيبة إن شرطت وتشرطت أن ترافقها في أسواق أوروبا، حيث يصاب المرء مباشرة بانقباضات معوية لا يدرك سببها، ويشعر بحرقة في المري نتيجة ارتجاع حمض المعدة، لأن اليورو يجعل من عملتك المحلية مثل «التومان» الإيراني، وهي لا تبالي ولا تعاني، ولا تعرف من المعادلات الحسابية إلا الناقص من الأشياء التي تحب أن تملكها، والضرب أضعاف الأشياء مما عند جارتها وصديقاتها، والزائد من مداخيلك التي تريد أن تعرف كم هي بالضبط، ومن القسمة تلك الأشياء التي لا تتمناها أن تنقسم على اثنين، إلا مع نفسها أو بناتها.. وغداً نكمل