منذ خروج الإنسان من طمأنينة الرحم، يحتاج لينمو في رحاب الحب منذ طفولته الباكرة، حتى بلوغه مرحلة الشباب والشيخوخة. وفي كل المراحل التي يمر بها يحتاج إلى الحب ومعانيه لتكوين شخصيته. فالحب والتربية بهما يصير قانون الإنسان وأسلوبه. أما أسلوب القسوة والمنع والتحريم والعقاب الجسدي والنفسي، يصير الإنسان محفوَّفاً بالخوف، والتهميش والتهديد، بسبب عبارات الغضب بين الأسر تجاه أبنائها. ونحن نرى ونعرف مدى ما ترتكبه العائلات من قسوة في طرق تربية أولادها وفق مفاهيم وأساليب مقنَّعة بالكثير من الموروث الاجتماعي. حتى صارت في حقيقتها ليست سوى قيوداً أخلاقية لتسيُّد البعض على البعض. لعل في قراءتنا لتاريخ نشوئها، إضاءة ملهمة لمعرفة أسباب هذا النشوء والتسيُّد. 
إن الحاجة للحب والسلام هو ديمومة الكائنات كلها بشراً أو حيواناً أو طائراً أو حتى حشرة. لأن الحب والأمان والسلام بكل تجليات سلوكه، هي ما تحتاجه لاستمرار وجودها في الحياة. إنه قانون يحكم كل الكائنات بما فيها الإنسان، قبل وحتى بعد ظهور الأفكار العدمية وهيمنتها. وما نراه اليوم من سلوك عدواني تجاه الإنسان لذاته، كالانتحار تحت ذريعة ما، ولغيره من البشر والكائنات، ليس سوى تعبير عن سطوة الأفكار العدمية. فليس من طبيعة الكائن أياً كانت مرتبته في التصنيف البشري أو الطبيعي أن يسعى ويبتكر وسائل موته. لأن الموت هي أشرس تهديد للحياة. وأكثرها رفضاً من قِبَلِ جميع الكائنات. ولأن الإنسان وحده الذي حباه الله بدماغ اختلف بذكائه عن أدمغتها، أوجد للتخفيف من فداحة الفقد للذات ولمن يحب، عشرات الوسائل والأفكار. فأعتقد بتناسخ الأرواح، (كما في بعض الأساطير الهندية) بعد أن فصل بين الجسد كمادة، مرئية قابلة للفناء، وبين الروح كمبهم لا مرئي. وأعتقد بالبعث بعد الموت وآمن به، وصار يعزي نفسه، كي يملك قدرة الاستمرار بعد فقد الحياة والحب والمحب. فإذا كان الحب غريزة الكائنات للحفاظ على الوجود، فإن السلام هو رد الفعل ضد استلاب هذا الوجود. وهما معاً قانون الحياة وإبداع وسائل الحفاظ عليها هو رد فعل للخوف من إفنائها! 
وبقدر ما أوجد الحب وسائله ومفاهيمه وقيمه وأخلاقه من أجل البقاء، أوجدت العدوانية وسائلها ومفاهيمها ضد الحب والسلام. لكن القيمة الحقيقية تكمن في الفرق بين نتائج الحب والعدوانية ووسيلتيهما: إن تجليات الحب هي الشجاعة الحقيقية ووسائلها تنتج الطمأنينة، العمران، الإبداع، الرخاء، التطور، البناء والرفاه.
أما العدوانية فهي التي أوجدت الحروب التي أنتجت الخوف والقتل والدمار والتخلف والتشرد والتجويع والمسكنة والعدم!!