احتفلنا واحتفينا في الأول من شهر أكتوبر الجاري باليوم العالمي للمسنين، وتبارت كل جهة في إبراز جهودها لإسعادهم، وهم الذين حرصت قيادتنا الرشيدة على تكريمهم بإطلاق «كبار المواطنين عليهم»، تقديراً لهم ولجهودهم خلال فترة العطاء والبذل، ودعت للاستفادة من خبراتهم باعتبارهم«بركة الدار» و«كل دار» ومن ركائز التنمية المستدامة، كما أكدت «أم الإمارات» سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، لدى إطلاق المؤسسة «منظومة الخدمات الاجتماعية المتكاملة لتعزيز جودة حياة كبار المواطنين» برعاية وتوجيهات سموها.
كل الجهات وفي مقدمتها الدوائر البلدية والصحية، استعرضت بالمناسبة جهودها ومبادراتها في هذا الجانب المراعي للمسنين، إلا شركات التأمين الصحي التي لم نسمع منها أية مبادرة، لأنها تدرك تماماً الطريقة المادية البحتة وغير الإنسانية التي تتعامل بها مع المسنين.
نستعيد هنا - قبل جائحة كورونا- صور أفواج السياح الأجانب الذين كانت تنقلهم بواخر الركاب العملاقة عند محطة وصول السياح في ميناء زايد بأبوظبي، وقد كان المراهق فيهم يتجاوز الستين عاماً، وتجدهم مقبلين على الحياة بفرح وهمة ونشاط، لما يغمر الفرد منهم من شعور بالاطمئنان للغد، وما يحظى به من رعاية واهتمام.
عندنا شركات التأمين الصحي تريد المسن غارقاً في هموم حياته، ومحاصراً بأوهام المرض والعجز والشيخوخة، وهي تتعامل معه بطريقة لا تختلف عن شركات التأمين على السيارات، فكلما كانت المركبة قديمة ولها سجل في الحوادث ارتفع قسط التأمين، الأمر نفسه عند شركات التأمين الصحي التي تحكم بالموت البطيء على كل من تجاوز الستين، وكأنما هي تعاقبه لبلوغه هذا المبلغ من العمر أو تجاوزه قليلاً، وإلا ما معنى أن تطلب قسطاً تأمينياً لبعض هذه الشرائح العمرية يتجاوز 25 ألف درهم!! أي خمسين ألف درهم للزوجين.
ما نريد من هذه الشركات إدراكه أنها في مجتمع عربي أصيل، يستمد قيمه وتقاليده من وحي عقيدته الإسلامية الغراء التي توصينا خيراً بكبار السن إجمالاً وبالوالدين تحديداً، لم يطلب أحد من هذه الشركات أن تتحول لجمعيات خيرية- كما تقول - وإنما أن تكون معقولة في أسعار باقاتها، فمبالغاتها جعلت منشآت الرعاية الخاصة بدورها تبالغ في مطالباتها المالية. حفظ الله «بركة الدار» من شرور الأمراض ومن جشع تجار الطب.