بكل الحب والوفاء والتكريم والتبجيل استحضر أبناء الإمارات الذكرى الثلاثين لرحيل باني دبي الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم الذي وضع مع أخيه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراهما، أولى قواعد ودعائم صروح هذا الوطن الشامخ.
قال عنه صانع نهضة دبي الحديثة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله «كان قليل الكلام، كثير التفكر، نظرته عميقة كبحر واسع، يومه يبدأ قبل الناس، وأحلامه تتجاوز سنواته، محباً لزوجته لطيفة، عاشقاً لدبي، مخلصاً للاتحاد، رحل بهدوء بعد أن ملأ الدنيا ضجيجاً بأعماله، وما زالت». 
وقال عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة «سيرة وطن ومسيرة قائد تخلد في ذاكرة تاريخنا المشرف، عرفناه قائداً صاحب عزيمة لا تلين، وطموح بلا حدود، ورؤية سابقة لعصرها. وضع مع الشيخ زايد، رحمهما الله، اللبنة الأولى في صرح وحدتنا المباركة، وظل سنده وعضيده حتى لاقى ربه رحمهما الله رحمة واسعة».
نعم ضجيج أعماله الجليلة، ملأ الدنيا ومازال، وأتذكر كيف كنا ننظر بانبهار لنفق الشندغة عند افتتاحه في العام 1975، وكيف ترددنا عليه ذهاباً وإياباً عدة مرات في نفس اليوم، لأن عقولنا الصغيرة لم تكن تستوعب في ذلك الوقت وجود معبر تحت الخور الذي جعل منه محطة وصل بحرية متفردة، والوصل من أسماء دبي القديمة.
ونتذكر كيف كان يحث مهندسي« برنارد صنلي» في جولاته الميدانية اليومية على بدء عملهم مبكراً مع الفجر من أجل سرعة إنجاز مشروع المركز التجاري العالمي ولتفادي حرارة الطقس عند انتصاف النهار، ونحن نستغرب ارتفاع برج وحيد بين الرمال، قبل أن يتحول المكان إلى منصة عالمية للمعارض الدولية على مدار العام. وهو بعض من «ضجيج» أعماله،«ضجيج» ارتفع مع الإعلان عن إنشاء ميناء جبل علي الذي أصبح اليوم من أكبر موانئ العالم حركة وتطوراً يضم أكبر حوض بحري على وجه الأرض من صنع الإنسان، وأحد أكبر مصانع الألمنيوم والمناطق الحرة على مستوى العالم. رحل راشد ولا زال العالم يتحدث عن رجل سبق عصره برؤيته ونظرته لما لا يراه غيره، وتلك هي خصال الرجال العظماء الذين وضعوا بصماتهم على صفحات التاريخ.