يبدو أن البعض لم يستفد من دروس الماضي، وأنه ما زال يغط في سبات اللعنات الشيطانية التي أصابته يوم استنفر، وعفر، وكفر هبة النيل، يوم عقدت الاتفاقية التاريخية في كامب ديفيد، فراح يشوح، ويلوح، ويجمع ويطرح، وينبذ ولا يحبذ تلك الاتفاقية التي أعادت لمصر جزءاً مهماً من ترابها العزيز. 
اليوم في اتفاقية السلام بين الإمارات وإسرائيل، نسمع نفس النعيق، والنهيق، ونشهد غباراً وسعاراً، يتطاير من هنا وهناك، وأصبح الجميع يحمل سيف صلاح الدين، ولكنه للأسف سيف من خشب الذاكرة السوداوية المقيتة، ويشهر رماحاً مسمومة في وجه الإمارات، ويعتقد هؤلاء أن قافلة الإمارات قد تعرقل صوتها الأسطوانات المشروخة، وأبواق الشيخوخة السياسية، والتي لا تشبع ولا تسمن، بل تكدس المزيد من النفايات على القضية المحورية، والتي راح ضحيتها الآلاف من بني العروبة، دون أن يجني العرب سوى الضعف والهوان، هؤلاء المهرطقون والذين هم أشبه بالطفيليات، التي لا تعيش إلا في الأماكن القذرة، وينمون على إثرها، ويتضاعفون، ويتخمون، وينتفخون، ويتورمون حتى أصبحوا بالونات فارغة إلا من الهواء الفاسد. 
نقول لهم: الإمارات لا تحتاج إلى مؤيدين، لأنها مؤيدة من عين السماء الصافية ومن أبنائها الأبرار، وكل أصحاب الضمير، وكل ما تريده الإمارات هو الكف عن المزايدات، والتوقف عن الافتراءات على القضية الفلسطينية، فالذين يتزحلقون على حبال الخديعة، والذين يقولون ساعة بأن القضية الفلسطينية هي قضية الفلسطينيين، ثم تارة أخرى، ينقضون ما يقولون وينادون بأن فلسطين عربية وعلى العرب الدفاع عنها. 
هؤلاء سكارى وما هم بسكارى، هؤلاء يبدو أنهم شابت قريحتهم، وداخت عقولهم، ومارت من تحت أقدامهم الأرض، وبارت شعاراتهم، وأصبحوا يهيمون في واد غير ذي زرع، وإن بضاعتهم التي حاولوا الترويج لها، أصبحت سلعة فاسدة، ولم يعد لعقل رزين، رصين، أن يصدق هذا الكذب.
ولما انبرت الإمارات للكشف عن الحقيقة، بانت عورات هؤلاء، فاشتطـّوا، وشطوا، حتى أصيبوا بغثيان الموقف، وصاروا يضربون الودع، ويقرأون الفنجان، ويتأبطون بأحراز الخرافة، ونسوا أن الله حق، وأن الشعب العاري إلا من الإيمان يحتاج إلى ضمير حي واقعي، ليسترد بعضاً من حقوقه، وهذا أضعف الإيمان.