وحتى يتحقق لنا ذلك نتمنى أن تتشارك كل الجهود، وكل المؤسسات المعنية من أهلية ورسمية، لتكتمل الدائرة، وليصبح قطرها يستند إلى محيط سميك، وقوي، ومتقن البناء.
ثقافتنا بحاجة إلى تلاحم جهود الجميع، لنخرج بمنتج ثقافي حقيقي وفاعل، ويجب أن يكون الهم الثقافي لدى المثقفين، والمبدعين هماً وطنياً بحتاً، يطاول السماء ويكون درعاً حصيناً، لمنجزات الوطن، وحضناً دافئاً، يحمي المنجز الحضاري لبلادنا، وهذا لن يتحقق إلا بالانتخاب الطبيعي والانتقاء الواقعي لقدرات تستطيع أن تتحمل المسؤولية، ولكن دون تنظير أو تأطير، فقط بالصدق، والعفوية، وفطرة الإنسان العاشق للإنسانية ومن دون التوقف عند الجغرافيا، أو طرح الأسئلة حول مسلمات، وبديهيات، وأولها هو أن البشر بحاجة إلى الأعداد لمستقبل يخرج الناس فيه من شرنقة التمحور حول الذات، والذهاب إلى العالم من دون أفكار مسبقة، ومن دون معاطف تاريخية رثة، ومن دون وجوه مقنعة بغبار حضارات ازدهرت في غفلة من الزمن ثم أفلتت، وتلاشت، وأصبحت أحفورة من أحافير الزمن.
نحن أبناء أمة لو انتقينا من تاريخنا ما يضيء، لاستطعنا أن نبهر العالم، وتمكنا من التواصل مع البحار الخمسة من دون تأشيرة دخول، ومن دون أسئلة تفصيلية تمنع من التداخل.، نحن لنا التاريخ كما للآخر تاريخ، ولو استطعنا أن ندخل في العالم من أوسع وحدة للوجود، لأصبح العالم بين يدينا، ثقافة مشمولة بالتصافي، والتعافي ومن دون غمة أو سقمة.
نحتاج إلى هذا المشروع الثقافي الذي أعلنت عنه القيادة الرشيدة، كاحتياجنا إلى الماء والهواء، والإمارات صاحبة الإنجازات المذهلة، كفيلة بأن تصنع ثقافتها من طين المحبة، وعشب الانغماس في عجين الآخر، الإمارات جديرة بأن تصنع واقعاً ثقافياً يظهر مدى قوة المعنى في حضارتنا، ويبرز أثر هذه الحضارة في مجموع الحضارات الأخرى، لأننا نملك الوعاء الذي نحمل به ثقافتنا، ونملك الأداة التي تنقي ما نحمله، وما نريد أن نتواصل من خلاله مع الآخر، والذي هو بؤرة العين، ومقلتها، ووميضها، وبياضها، وبريق حدقتها.
عندما وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بتطوير قطاع الثقافة، فهو الشاعر الذي يجس نبض الكلمة، وهو المفكر الذي يتقصى أثر الفكرة لتصبح شجرة وارفة الظلال، تتفيأ بظلالها النفوس، والرؤوس. فشكراً للذين يضيئون طريقنا بمصابيح الأحلام الزاهية.