ترجل فارس من أبرز فرسان مسيرتنا الإعلامية، فقد فقدنا فجر أمس قامة إماراتية بارزة، بوفاة المعلم والأب والأخ الكبير والصديق الأستاذ الفاضل إبراهيم العابد، الذي غادر دنيانا الفانية فجأة ومن دون مقدمات، ليصدم رحيله المباغت كل من عرفه عن قرب، وأحسب نفسي أحدهم.
عرفته عندما دخلت مكتبه لأول مرة أواخر السبعينيات، في تلك الشقة المتواضعة من المبنى المطل على شارع الشيخ راشد بن سعيد في العاصمة، وكانت تتخذه وكالة أنباء الإمارات مقراً لها، وفي شقة مجاورة كان مقر جريدة «الاتحاد»، كنت برفقة صحفي إيطالي مترجماً، في تلك المرحلة المبكرة التي كان يتشكل فيها الإعلام الخارجي لدولة الإمارات، من خلال وزارة الإعلام والثقافة في ذلك الوقت، بقيادة الشيخ أحمد بن حامد رحمه الله، والدكتور عبدالله النويس متعه الله بالصحة، وقد كان الفقيد أحد مهندسي «الإعلام الخارجي» ومؤسسيه في تلك المرحلة المبكرة من قيام الدولة، حيث كانت تتعرض لحملات إعلامية تشكك في اتحاد الدولة الفتية ومسيرتها الاتحادية.
وقد كان يولي هذا الجانب جل وقته واهتمامه، ويعتبر الكتاب السنوي الذي كانت تصدره الوزارة أحد أدوات إبراز ثمار المسيرة والنهضة المباركة.
كان الفقيد مدرسة فريدة في البذل والعطاء والتفاني في العمل والتواضع ونكران الذات والعزوف عن الأضواء، يتصل بنا أو نتصل به في ساعات متأخرة من الليل، وخلال أوقات الدوام الرسمي، وكثيراً في أيام العطلات فنجده بذات الهمة العظيمة والروح المرحة والطيبة يرد على استفساراتنا أو نسمع ملاحظاته بكل محبة وحرص، فقد كان موسوعياً في العلم والخبرة، وحتى في أيامه الأخيرة لم يزده الزمن إلا عزيمة وقوة وجلداً.
كتبت عنه في مناسبات تكريمه من لدن قيادتنا الرشيدة، فيتصل معاتباً بأنه لم يكن ليقوم إلا بواجبه تجاه الوطن، فقد كان اسم الإمارات وصورة الإمارات في كل المحافل بالنسبة له أموراً لا تقبل إلا التمام والكمال، ولمست ذلك عن كثب أيضاً من خلال «الإعلام الخارجي»، ومشاركات الإمارات في معارض إكسبو، التي تابعت كل محطاتها معه، وفي كل ملتقى ومنتدى إعلامي داخل الإمارات وخارجها.
خالص العزاء والمواساة لرفيقة دربه المربية الفاضلة السيدة نظمية «أم باسم»، ولباسم وإخوته وجميع أفراد عائلته الصغيرة والكبيرة ومحبيه وتلاميذه، ألهمهم الله وألهمنا الصبر والسلوان، رحم الله أبا باسم وأسكنه فسيح جناته.