في صومعة الإعلام يبدو إبراهيم العابد (أبو باسم)، هدب العيون الذي شف، وخف ورف، ونزف، وعزف، وطرف، وهتف، وعطف، حتى صار في نغم الكلمة الصادقة، سر الدوزنة وجوهر السرد الإعلامي الفائض بصدق وتدفق، وانثيال في العطاء، وفيض في البذل من أجل الإمارات التي احتضنت قلبه المحب، وطوقت روحه العاشقة للأرض، والناس، ومهنة المتاعب، هو هكذا هذا الرجل العصامي، الباسق، السامق في تجلياته الإعلامية، الواقف عند الحرف، كما أنها الفاصلة التي تبعد ما بين الجملة والأخرى، لتصبح العبارة أوضح من خيوط الشمس، وأروع من بريق النجوم، وأسخى من نث السحابات الممطرة.
أبا باسم.. مهما تقاطرت الكلمات، لتحمل بعض ما جاش في قلوبنا، إلا أنها تبقى بحجم النقطة على صفحات عطائك الثري، ونثرك الإبداعي في محفل صاحبة الجلالة، فأنت في الخطوة الأولى، وفي الوثبة الاستثنائية التي كانت لطلائع الإعلام الإماراتي، أنت سيدي في الإشراقة المذهلة التي تربعت على جبين إعلامنا، وأنت النبرة المدهشة التي اتسمت بها الكلمة النقية على وجنة إعلام إماراتي تطلع إلى البزوغ اللامع، والبلوغ الساطع، أنت اليوم تغادرنا وتترك لنا الألم، وفجيعة الرحيل المفاجئ، لنبقى على أثر تلك الملاحم الإعلامية، التي خلدتها، ورسختها في الذاكرة الإماراتية، والتي ستبقى علامة فارقة، وصادقة في كتاب الذين سيدرسون الملامح المضيئة لشخصية إعلامية، فريدة، وعتيدة، سكبت مدادها على الورق، ولونت بالفرح والاعتزاز، صورتنا، وسيرتنا، وسورتنا بأحلى ما يمكن أن تفعله الجداول في الأشجار، وأجمل ما تصوغه الأغصان في عروش الطير.
هكذا سيدي ترحل، ولكنك قبل أن تغمض العينين، أسرجت خيول التوهج في عيون محبيك، حتى لمعت الأحداق ببريق خصالك، وترياق عقلية مبدعة في التداخل مع الآخر، والتواصل مع الذين يرون فيك المثال المحتذى، والنموذج القدوة، ومعلم الأجيال، ودارس فن التعاطي مع الحياة بلباقة الأوفياء، وأناقة النبلاء، ورشاقة النجباء، ومهما أغدقنا الفراق من جروح دامية، فأنت يا أبا باسم، ستبقي في دفتر أعمارنا، كلمة السر التي حفظناها، وأنت الرونق الذي لن يخفي ألقه في الأفئدة.
فسلام عليك، وسلام لك، وسلام إليك أيها الباسم، في كل مراحل عطائك، سلام من إمارات الحب، إلى من أحبها بكل شفافية، وعافية ضمير لا يخبو وميضه في كل الظروف، والأحوال.