كان وجه ميسي شاحباً، ونظراته تائهة، عندما أخذ مورديتش يقفز ويجري فرحاً بهدفه الذي سجله عند نهاية «كلاسيكو الكوكب»، أفضل ما باعه الإسبان إلى العالم بعد السياحة، وزيت الزيتون.. فالنجم الأرجنتيني يدرك أنه قد يكون «الكلاسيكو» الأخير له في «كامب نو»، وها هو يخرج منه حاملاً هزيمة كبيرة، أضافت على كاهله ألماً جديداً في رحلته مع النادي «الكتالوني»، التي شهدت سنوات المجد والتألق والمال. 
في مايو عام 1902 من القرن الماضي، لعب فريقا ريال مدريد وبرشلونة أول «كلاسيكو» على ميدان سباق الخيل بالعاصمة الإسبانية، ويومها استعار الناديان بعض المقاعد من أجل المتفرجين، من سوق «إل راستورو» المفتوح الذي يقام كل يوم أحد، وتباع خلاله العديد من المنتجات.. لكن في هذا «الكلاسيكو» الأخير لم يكن برشلونة في حاجة إلى استعارة مقاعد، لأن ملعبه به 98 ألف مقعد، خالية لا يجد من يشغلها، فلعب الفريقان يحيط بهما صوت الصمت للمرة الأولى في 118 عاماً، تمثل تاريخ «الكلاسيكو» الذي شهد 245 مباراة..!
مباراة «كامب نو» الأخيرة كانت عرضاً مسرحياً درامياً لصفحة تطوى في كتاب «الكلاسيكو».. فهذا جيل يستعد للرحيل، تجاوز عمره الثلاثين عاماً، جيل سيرجيو راموس وبيكيه، وسيرجيو بوسكيتس، ولوكا مودريتش، وكريم بنزيمة، وليونيل ميسي.. ليفسح الطريق لجيل جديد يضم العديد من المواهب الشابة، مثل فينسيوس، ومارتن أوديجار، وأنسو فاتى.. وما يجب أن يخشاه الإسبان هو فقدان «كلاسيكو الأرض» لشعبيته، بعد أن رحل كريستيانو رونالدو، وبعد رحيل ميسي باتجاه آخر، وهما كانا يمثلان الصراع الذي باعه الإعلام لجماهير كرة القدم في الكوكب، تماماً كما كانت ساحة الكوليزيوم في روما موقعاً لمعارك المجالدين في العصر الروماني القديم..!
منذ سنوات يعد الدوري الإنجليزي بمثابة أكبر صالة عرض للاعبين والمدربين، وأقوى مسابقة كرة قدم بما يقدمه من مفاجآت، ومنافسات، ودراما، وصراعات بين فرق وليست بين لاعبين.. وفي نفس الوقت كان «كلاسيكو» ريال مدريد وبرشلونة يخطف الأنظار، كلما حل موعده.. فهل يستمر هذا الاهتمام، أم تتوجه أنظار جماهير اللعبة إلى مباريات «البريميرليج»، وليس إلى مباراة واحدة في «الليجا»؟!
** أعتقد أن «الكلاسيكو» مهدد برحيل ميسي أو اعتزاله، حتى ظهور نجوم سوبر، وحتى تقام المباريات في أحضان الجماهير، واللعبة دون جماهير تفقد رونقها وموسيقاها. لكن على الرغم من ذلك في «البريميرليج»، ما زالت مسرحية الصراع والمفاجآت والدراما قائمة في كل مباراة، وليس ذلك بعجيب على بلد «أبو المسرح الإنجليزي» شكسبير!